الرياض – (رياليست عربي): الوقت يقترب من لحظة يمكن فيها لمحارب قديم أن يستأذن في الانصراف.. العبارة السابقة استهل بها الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل المعروف فى الوسط المهني بـ «الأستاذ» مقاله الذي ودع فيه المهنة وأعلن توقفه عن الكتابة بعد بلوغه سن الـ 80، وقتها سرد عوامل الزمن والسن ويفضل الانصراف وهو في كامل قواه وقدرته على العطاء وقدم في مقال الوداع تقرير ختامي لمشواره الحافل.
وعلى ما يبدو أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، يطل حالياً علينا كحالة متفردة من ملوك الدولة، والذي قرر طواعية التنازل عن صلاحياته لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعد الاطمئنان على قدرته في تيسير أمور البلاد والعباد واكتسابه خبرات كافية قربته من كرسي الحكم خطوات.
خلال الأعوام الماضية تعمد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الابتعاد عن زخم السياسية وصداع الحكم وترك للأمير الشاب دفة القيادة تحت إشرافه في مناسبات عدة، وعلى ما يبدو أن الفكرة تبلورت فى دماغ رأس العائلة المالكة، وأصدر أمر ملكي بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيساً لمجلس الوزراء، وهو المنصب الذي كان يتولاه الملك نفسه.
الأمر الملكي، عكس ثقة ملكية متزايدة من العاهل السعودي، في نجله وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بتكليفه رسمياً بمهمة رئيسية كان يتولاها بنفسه، بل وينص النظام الأساسي للحكم في المملكة على أن يتولاها الملك شخصياً.
وتنص المادة السادسة والخمسون من النظام الأساسي للحكم في المملكة على أن “الملك هو رئيس مجلس الوزراء، ويعاونه في أداء مهامه أعضاء مجلس الوزراء، وذلك وفقاً لأحكام هذا النظام وغيره من الأنظمة، ويبين نظام مجلس الوزراء صلاحيات المجلس فيما يتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية، وتنظيم الأجهزة الحكومية، والتنسيق بينها، كما يبين الشروط اللازم توافرها في الوزراء، وصلاحياتهم، وأسلوب مساءلتهم، وكافة شؤونهم، ويعدل نظام مجلس الوزراء واختصاصاته، وفقاً لهذا النظام”.
ولكن الأمر الملكي الصادر مؤخراً، نص على أن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد سيكون رئيساً لمجلس الوزراء استثناءً من حكم المادة الـ 56 من النظام الأساسي للحكم، ومن الأحكام ذات الصلة الواردة في نظام مجلس الوزراء.
وبرز توجه الملك لترك الأمور لنجله وتجيزه للمنصب الأعلى فى عدة مناسبات، وكان آخرها ترؤس قمة جدة للأمن والتنمية 16 يوليو/ تموز الماضي، التي شارك فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى قادة أميركا ومصر والأردن والعراق.
ووفق مصادر خليجية، أن العاهل السعودي عمد خلال السنوات الماضية إلى صناعة خليفته أمام عينه تجنباً لفتن خارجية خططت لها دول تناصب الرياض العداء وسعت للوقيعة بين أفراد العائلة، وبدأ حالياً متحمساً لصناعة حدث سياسي نادر الحدوث بالتنازل عن منصبه لولي عهده.