تل أبيب – (رياليست عربي). أقرّ مجلس الوزراء الإسرائيلي فجر الجمعة اتفاقاً لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة حماس، في خطوة تمهد لوقف القتال في قطاع غزة خلال 24 ساعة وبدء عملية تبادل الرهائن خلال ثلاثة أيام، وفق ما أكد مسؤولون إسرائيليون.
الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وبدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يشكل المرحلة الأولى من خطة سلام أوسع تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين والتي أودت بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني ودمّرت أجزاء واسعة من القطاع.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان: «وافقت الحكومة على الإطار الذي يضمن الإفراج عن جميع الرهائن — الأحياء منهم والأموات».
تفاصيل الاتفاق
ينص الاتفاق على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة مقابل إفراج حماس عن الرهائن الإسرائيليين، وذلك مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. كما سيتم السماح بدخول شاحنات تحمل الغذاء والوقود والمساعدات الطبية إلى القطاع للتخفيف من الأزمة الإنسانية الخانقة.
وقال القيادي في حماس خليل الحية إن الحركة تلقت ضمانات من الولايات المتحدة ودول الوساطة بأن الحرب قد انتهت. وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الهدنة ستدخل حيز التنفيذ خلال يوم واحد، يليها مباشرة بدء عملية التبادل.
وبحسب بيانات إسرائيلية، لا يزال 48 رهينة في غزة، يُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة، و26 قُتلوا، فيما يبقى مصير اثنين مجهولاً. وأوضحت حماس أن استعادة جثامين القتلى ستستغرق وقتاً أطول من إطلاق الأحياء.
اختراق هش ومخاوف سياسية
يُعدّ هذا الاتفاق أكبر تقدم نحو السلام منذ اندلاع الحرب، لكنه لا يخلو من العقبات. فقد نقلت مصادر فلسطينية أن قائمة الأسرى الذين ستفرج عنهم إسرائيل لم تُحسم بعد، بينما تطالب حماس بإطلاق شخصيات بارزة، في حين هدد وزراء من اليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو بالانسحاب منها إذا لم يتم تفكيك الحركة بالكامل.
ووصف ترامب الاتفاق بأنه «خطوة تاريخية نحو سلام دائم»، معلناً أنه سيزور المنطقة الأحد المقبل وقد يحضر حفل التوقيع الرسمي في القاهرة. كما دعا رئيس الكنيست أمير أوحانا الرئيس الأميركي إلى إلقاء خطاب أمام البرلمان الإسرائيلي — في سابقة منذ عام 2008.
ردود الفعل في غزة وإسرائيل
عمّت الاحتفالات ساحة الرهائن في تل أبيب، حيث تجمعت عائلات الأسرى فور إعلان الاتفاق. وقالت إيناف زوغاوكر، والدة أحد الرهائن: «لا أستطيع التنفس، لا أستطيع وصف شعوري — إنه أمر لا يُصدق».
وفي خان يونس جنوب غزة، أعرب السكان عن ارتياحهم الكبير. وقال عبد المجيد عبد ربه: «الحمد لله على وقف النار ونهاية الدماء. كل غزة سعيدة، والعالم كله سعيد بانتهاء القتل».
ورغم استمرار الغارات الإسرائيلية قبل سريان الهدنة، انخفض عدد الضحايا بشكل ملحوظ، إذ سُجلت سبع وفيات فقط الخميس مقارنة بالعشرات في الأيام السابقة.
الخطوات التالية
رحّبت دول عربية وغربية بالاتفاق، واعتبرته انتصاراً دبلوماسياً للرئيس ترامب وفرصة لإعادة صياغة التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط.
وبحسب مصادر دبلوماسية، تجري حالياً محادثات في باريس لوضع خطة لقوة حفظ سلام متعددة الجنسيات ومساعدات لإعادة إعمار غزة. وأكد مسؤولان أميركيان أن واشنطن ستشارك بـ200 جندي في فريق تنسيق مشترك خارج القطاع، إلى جانب مصر وقطر وتركيا وربما الإمارات.
وإذا تم تنفيذ الاتفاق بالكامل، فقد يُنهي أحد أكثر الصراعات دموية في العقود الأخيرة، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التسويات السياسية في المنطقة. غير أن التجارب السابقة في غزة تظهر أن الحفاظ على السلام قد يكون أصعب بكثير من تحقيقه.






