موسكو – (رياليست عربي): شعر الشعب المصري بخيبة أمل كبيرة من كلمة مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أمام جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة أزمة سد النهضة.
تتسم العلاقات الروسية – المصرية بأنها علاقات ودية وقوية، على المستويين الرسمي والشعبي، إلا أن موقف روسيا الممثل بمندوبها لدى مجلس الأمن، أحبط الشعب المصري، خاصة مع إعلان وزيرة الدولة الإثيوبية للدفاع مارثا لويجي، عن توقيع ما أسمته “العديد من الاتفاقيات” للتعاون العسكري مع روسيا، وذلك في ختام الاجتماع المشترك الحادي عشر للتعاون التقني العسكري الإثيوبي – الروسي.
عن هذه الاتفاقيات وتبيان تأثيرها على مصر في خضم النزاع الحاصل حول سد النهضة، قال الدكتور عمرو الديب، مدير مركز خبراء “رياليست”:
إن ما جرى بين موسكو وأديس أبابا على الصعيد العسكري لا يرقى لوصفه بـ”اتفاق”، يمكن وصفه بالتفاهم بين مجموعة خبراء عسكريين على تحديث الأسلحة الروسية الموجودة في إثيوبيا بالفعل، في ظل حالة الحروب الأهلية الدائرة هناك، بالتالي، إن بيان الدفاع الإثيوبية مجرد حرب نفسية وإعلامية.
لقد هدفت أديس أبابا لاستغلال الحدث الساخن المتعلق بجلسة مجلس الأمن وما حمله من تداعيات، لكن في الداخل الروسي ليس هناك إعلان في جميع الوسائل الإعلامية الروسية عن هذه الاتفاقية، ما يعكس عدم قيمتها في ظل استغلال المواقع الاخبارية الروسية الواقعة تحت سيطرة الدولة على غرار “انترفكس” مثل هذه النوعية من الأخبار حال صحتها للترويج السياسي وإظهار قوة ونفوذ الدولة.
وفي نقطة من الممكن القول إنها مهمة، وهي أن روسيا تولي اهتماماً بالحرب الدائرة في الداخل الإثيوبي، بتوصيات كنسية بدافع الخوف على المسيحيين في إثيوبيا، وتطوير أسلحتها هناك يأتي من باب الحماية.
أما فيما يتعلق بـ الأسلحة الروسية المستخدمة في إثيوبيا، فلقد تم الكشف عنها من قبل سفير إثيوبيا لدى روسيا، ألمايهو تيجينو، في فبراير/شباط 2020، والذي قال وقتها إن بلاده تقوم بالعمل التحضيري لبناء محطة للطاقة النووية في البلاد، وفقاً للاتفاقيات مع الجانب الروسي، مبيناً أنه منذ توقيع الاتفاقية في إثيوبيا، تم بالفعل عقد اجتماعين للخبراء في “روس آتوم” وموظفي وزارة الابتكار والتكنولوجيا الإثيوبية، حيث تم إنشاء مجموعتين للعمل.
وانتهت روسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 من تسليم بلاده منظومة الدفاع الصاروخي من طراز “PantirS1” لتطوير قدراتها العسكرية الإقليمية، جاء ذلك برغبة إثيوبية لتحديث قدراتها العسكرية وتطويرها، في مجال حفظ السلام ومكافحة الإرهاب، بالتعاون مع روسيا، بحسب السفير الإثيوبي.
وحول الموقف الروسي من أزمة سد النهضة، في ضوء استغلال أديس أبابا الدعم الروسي في مجلس الأمن في قضية سد النهضة، سعت لتأجيج مشاعر الغضب المصرية على المستوى الشعبي خصوصاً تجاه موسكو، وأرادت إظهار أديس أبابا كحليف لموسكو، الدكتور الديب، يعقب على ذلك بالقول: (بعدما كبرنا وقرأنا أكثر وأكثر، وجدنا أن الدور الروسي في أي ملف خارجي يرتبط دائماً بالمضغوط عليه في هذا الملف أو ذاك، يعني لو نظرنا لأصدقاء روسيا تاريخياً سنجدهم المهزومين دائماً، فلديهم – الروس – عقيدة على ما يبدو مفادها، أنه لكي نقوي علاقتنا بنظام سياسي ما، يجب العمل على توريطه وجعله يستنجد بنا).
نتذكر هنا دور موسكو في دفع الأمور لحرب ١٩٦٧ وصداقتها مع مصر إبان عهد عبد الناصر، وبعدها حتى عام ١٩٧٢، ونعيش رحلتها مع سوريا ونظام حافظ وبشار الأسد، ورحلتها أيضاً مع فنزويلا، وكوريا الشمالية، والملف النووي الإيراني- وبمناسبة هذا الملف الأخير لا ننسى تسريب وزير خارجية إيران جواد ظريف حول الدور الروسي السلبي في هذا الملف ورغبة موسكو في تقويضه من أجل التقارب، يضاف إلى ذلك، الملف الحالي بيلاروسيا وأرمينيا نجد روسيا عملت على توطيد صداقتها مع أرمينيا بسبب تواطؤها مع الأتراك، ومع لوكاشينكو بسبب دفعه للأخطاء.
بالنتيجة، أصدقاء روسيا الحقيقيين تاريخياً وحالياً، لماذا نجدهم في خانة المضغوط عليهم؟ وكلمة المندوب الروسي في مجلس الأمن يبدو أنها خير دليل على ذلك.
الموقف السوداني
السودان كطرف أصيل في أزمة سد النهضة، دفعت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، للتعبير عن ثقتها في أن روسيا تستطيع إقناع إثيوبيا بتحكيم صوت العقل، وذلك فيما يخص أزمة سد النهضة، في ظل تعثر المفاوضات، وقالت الوزيرة السودانية، إن بلادها تدرس اتفاقية إنشاء مركز لوجيستي روسي على ساحل السودان بالبحر الأحمر.
وأردفت، أن موضوع مركز الدعم اللوجستي هو جزء من اتفاقيات وقع عليها المجلس العسكري في العام 2019، ولكن لم تتم المصادقة عليها بعد، وعملية المصادقة على أي اتفاقية دولية تشترط المرور عبر المجلس التشريعي، وفي غياب المجلس حاليا، تجري ممارسة هذا الدور عن طريق إجازة الاتفاقية بواسطة المجلسين معاً، المجلس السيادي ومجلس الوزراء، مبينة أن هذه هي العملية التي تجري حالياً مع كل الاتفاقيات الدولية التي لم تتم المصادقة عليها بعد، وليس فقط مع الاتفاقيات مع الجانب الروسي.
ويبدو أن الوزيرة السودانية سعت لتلطيف الأجواء بعد طلب مجلس السيادة من موسكو إخلاء قاعدة فلامينجو، وظهور أمريكا على خط الأزمة التي تصاعدت الشهر الماضي قبل جلسة مجلس الأمن، إلا أن للدكتور الديب رأي آخر، حيث قال: (هنا يجب على الروس فهم مبدأ واحد، مجرد وجودك في الشرق الأوسط وخططك بوجودك بحرياً في السودان مرتبط فقط بالصمت أو الموافقة المصرية).
موقع فيتو – مصر.