القاهرة – (رياليست عربي): قفزت الأزمة الأوكرانية بقضية الطاقة ومواردها، متجددة ونووية وفيما يتعلق بقضية الطاقة النووية قال الدكتور يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومستشار الرئيس للطاقة النووية، لـ “عين على الشرق“:
هل هناك توجه لإنشاء المزيد من المحطات النووية؟
د. يسري أبو شادي: على مستوى العالم، هناك 140 مفاعل موزعة على 30 دولة، والإعلام الغربي يقول إن الغرب وألمانيا سيتوقفان عن إنشاء المزيد من المحطات النووية، ولكن الإعلام متحكم فيه غربياً – فالصين لديها 54 مفاعل يعمل بشكل تام، وأمريكا 92 مفاعل، ثم فرنسا 56 مفاعل، وفي غضون سنتين الصين ستتخطى فرنسا، وخلال 10 سنوات ستتخطى الصين أمريكا وستصبح الأولى عالمياً في إنشاء مفاعلات الطاقة النووية.
كم عدد المحطات التي ستشيد خلال العشر سنوات المقبلة في العالم العربي ومميزات الطاقة النووية؟
د. يسري أبو شادي: كانت الإمارات (الأولى) في المنطقة العربية، وشغلت مفاعلها من سنتين، حيث يوجد مفاعل واحد فقط يعمل، وقدرة الواحد منها 1400 ميجا وات، ومفاعلين آخرين عل وشك التشغيل وسيكون لديها 4 مفاعلات نووية، وتشكل الطاقة النووية لديها 25% من الطاقة في الإمارات، لأنهم فكروا بذكاء في الطاقة النووية كبديل، وثاني دولة (مصر) ربما مصر بدأت قديماً وحتى الرئيس السيسي أخذ قراره في منطقة الضبعة في 2014، وعليه ففي 20 يوليو وضعت مصر حجر الأساس واصبحت دولة تبني مفاعل نووي، الأردن فكرت بقوة وتراجعت مع الروس – الجزائر مع الروس ولا زال المشروع تحت الطرح – وكذلك المغرب مع فرنسا.
السعودية لديها تطلعات في مفاعلات أصغر مع كوريا الجنوبية وتركيا تعاقدت مع روسيا وسيكون لديها مفاعلين سيعملون العام القادم، جنوب إفريقيا لديها مفاعلين قديمين من فرنسا ومخططة ليكون لديها 8 مفاعلات أخرى، وكذلك نيجيريا وغانا على طريق التفكير.
إيران لديها مفاعل يعمل منذ 2012، ولديها مفاعل ثاني روسي سيدخل الخدمة.
وطبعا مزايا المفاعل الأساسية هي توليد الكهرباء وتحلية المياه.
وإذا ركزنا في وضع طاقة المفاعل 5000 ميجا وات في التحلية سيوفر لدينا 70% من حاجة مصر لمياه الشرب.
ويعمل المفاعل على مدار 24 ساعة لمدة عام أو عام ونصف ثم يطفأ لمدة 3 أسابيع لتغيير الوقود النووي، وهذا الوقود من اليورانيوم يكلف 20 مليون دولار/ محطة بقدرة 100 ميجا وات فقط والمحطة تظل في الخدمة من 60-70 عام، لو محطة وقود تعمل بالغاز او الوقود التقليدي تكلفني 1 مليار دولار في العام لتوليد نفس القدر من الطاقة – فمن حيث الجدوى الاقتصادية المحطات النووية أفضل بكثير.
ما المعايير الحاسمة لاختيار تكنولوجيا نووية من دولة معينة دون أخرى؟
د. يسري أبو شادي: في 2014 قرر الرئيس السيسي المضي في المشروع النووي وكانت احدى الدراسات التي قمت بها المقارنة بين العروض المقدمة، ووجدنا اثنين فقط يصلحا (روس أتوم، وكابكو الكورية) ولكن لعدم استقلال المشروع الكوري بالكامل بما يناقض الروسي، فوقع الاختيار على روس أتوم الروسية، وأيضاً لدينا دولتين يمكن أن يعوضا روسيا في حال حدث خلاف بالنسبة للوقود النووي في المستقبل (الصين وإيران).
ما رأيكم في الاتفاق النووي مع إيران كخبير وتوقيعه؟
د. يسري أبو شادي: الفرص تضائلت كثيراً بعد إلغاء الاتفاق من جانب واحد في عهد ترامب عام 2018، حيث توصل الإيرانيون لتطوير المحطات النووية بشكل كبير، ويمكنها إنتاج أسلحة نووية حالياً، لتخطو إيران التكنولوجية بمراحل، وحتى إن تم توقيع اتفاق كان الغرض منه عدم الوصول لتكنولوجيا صناعة سلاح نووي، لدى إيران القدرة حالياً لإنتاجه، فأصبحت جدوى الاتفاق منعدمة لكافة الاطراف.
هل عدم التوصل لاتفاق يسمح بسباق تسلح نووي في المنطقة؟
د. يسري أبو شادي: يوجد دولة وحيدة لديها سلاح نووي منذ زمن (إسرائيل) – فهل وجود إيران يخلق توازن، وهل الدول الأخرى ستتفرج عليهما؟ يوجد اتفاق منع انتشار الأسلحة النووية، ولكن ستشعر هذه الدول بالظلم لأن دولة وحيدة تملك هذا السلاح، وإيران تحترم الاتفاقية، وهي طرف فيها، ولكن إن حدث وضربت إسرائيل وأمريكا إيران، فلها الحق في الانسحاب من الاتفاقية وطرد المفتشين كما فعلت كوريا الشمالية، وإنتاج سلاح نووي.
هل هناك مسافة بين القدرة الفنية وإنتاج السلاح النووي بشكل فعلي؟
د. يسري أبو شادي: المسافة ضئيلة جداً – ولكن إيران تخطت 60% من التخصيب، وهذا يتيح لها صناعة سلاح نووي وخصوصاً أن لديها بنية تحتية علمية واستراتيجية تمكنها من ذلك.
هل تريد إيران فرض شروط أكثر للاتفاق؟
د. يسري أبو شادي: لا يوجد – إيران استاءت من عملية الرفع التدريجي للعقوبات، وتريد فقط رفع فوري للعقوبات، ولكن إيران وصلت لوحدات متطورة مثل وحدات الطرد المركزي، التي يمكنها انتاج كميات أكبر من الوقود النووي ولديها تفوق علمي – هي لا تريد تكرار تجربة ترامب مرة أخرى.
كيف يمكن الاستفادة من تجربة كوريا الشمالية سابقاً؟
د. يسري أبو شادي: تعد مشكلة كوريا الشمالية مشكلة سياسية مع الغرب بامتياز – حيث لم يكن لديها برنامج تنفيذي لصناعة سلاح نووي كما ادّع الأمريكان بسرقة وقود نووي، لأني تابعت الملف بنفسي – استمر الأمريكان في الاستفزاز من خلال الوكالة الدولية للطاقة، كما يقوموا حالياً مع إيران، حيث أن الوكالة قد منعت 40 دولة أخرى أن يكون لها تكنولوجيا نووية، وافقت كوريا الشمالية على إيقاف برنامجها مقابل بعض المعونات، ولكنه استمر الأمريكان والغرب في الضغط على كوريا الشمالية، ويمكن القول إنهما كان السبب المباشر في كونها دولة نووية.