موسكو – (رياليست عربي): فاز الرئيس بوتين بمشاركة شعبية واسعة أجبرت العدو والصديق على الاعتراف بها رغم محاولات الغرب الجماعي التشكيك بشرعيتها وشفافيتها، لكن التجاوب الشعبي غير المعهود تاريخياً قطع الطريق على من أرادوا جعل هذه الإنتخابات امتحاناً صعباً للرئيس بوتين.
بهذا الخصوص كان لـ “رياليست عربي” حواراً خاصاً مع الدكتور نواف إبراهيم، مدير المشاريع الدولية- ترويج المحتوى- وكالة الإعلام الدولية “روسيا سيغودنيا” – وكالة الأنباء الدولية والإذاعة”سبوتنيك”. النائب الأول لرئيس اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، عضو مجلس حكماء الغرفة الاجتماعية الدولية.
رياليست : مصطلح أو تعبير “فاز” اعتبره العديد من الخبراء أنه كتلة من النجاحات التي حققها الرئيس بوتين بضربة واحدة على حلبة سباق الانتخابات.. كيف تقرأون ذلك؟
نواف إبراهيم: نعم ، مرحباً بكم وشكراً على السؤال، بالحقيقة، تعبير “فاز” أصبح سلة انتصارات دفعة واحدة، فاز بوتين ليس في الانتخابات الرئاسية فحسب بل فاز في الامتحان التاريخي لزعيم دولة عظمى في قلب مرجل تحيط به النيران من كل حدب وصوب وتغز بها وفيها وبخواصرها وأحشائها أنصال الطابور الخامس وتجار الدم وتدق فيها وبها أسافين من فولاذ مقسى ومسخن على لهب نيران جهنم ورغم كل ذلك صمدت وبقت وكافحت ونافحت وتجاسرت حتى لم يعد للدهشة مكان، هذه الانتخابات لايمكن وصفها إلا باستفتاء شعبي عام اجتمع على تأييد شخص الرئيس بوتين وسياساته السابقة والحالية وحتى القادمة.
رياليست: شخصياً كيف كانت مشاركتكم في الانتخابات؟
نواف إبراهيم: خلال فترة ستة أشهر بدأنا في العمل على الكثير من الفعاليات والمهرجانات والنشاطات الإعلامية والسياسية والفنية الثقافية والشبابية والمميز فيها أن القائمين عليها والمشاركين فيها شباب وشابات روس وأجانب من عدد كبير من دول العالم بما فيها دول الغرب الجماعي وأمهم الولايات المتحدة، شخصيات فنية واجتماعية وثقافية وفكرية وعلمية وإعلامية وحزبية، رسمية وغير رسمية، جميعهم جمعتهم القيم والمبادىء الإنسانية التي باتت تغيب عن عالمناً رويداً لأنها تغتال وتقتل في كل مكان لكي يتحول هذا العالم إلى كتل بشرية تعيش على مبدأ نأكل من أجل أن نعيش ونفذ ولا تعترض، لكن هذا ما رفضته روسيا وشعب روسيا عن بكرة أبيه إلا من رحم ربي.
حتى لا نطيل في السرد، وأرجوا أن لا يفهم نقل صورة الواقع التي شهدتها أعين كاميرات وسائل الإعلام العالمية كلها بشكل حي، أرجو أن لا تفهم أنها بروبغاندا، أقول هذا الكلام لمن لايعرف روسيا ولا يعرف الرئيس بوتين ومتابعته غير كافية للأحداث في روسيا، فأستميحهم العذر، وأود أن أقول هنا إنه علينا أن نقول إن بلداً يقوده رجل بهذه الصلابة والقوة والقدرة والإيمان بالله والشعب والجيش والثقة غير المعهودة بالنفس مثل الرئيس بوتين لن تفدر عليه أي قوة في العالم والواقع يثبت ذلك أمام هول الهجمات السياسية والعسكرية والإعلامية وكل أنواع الجبهات التي يصعب أي بلد البقاء أمامها متماسكاً، فقط لو نذكر أن روسيا الى، تقع تحت نير ما يزيد عن 16500 نوع من أنواع العقوبات فلكم أن تتخيلوا ذلك، ولايشبه روسيا في هذه الحالة بلد آخر كما تشبهها سورية بكل التفاصيل التي ذكرناها ولا أجزع إن قلت حرفياً على مستوى البلد والشعب والجيش والقائد “تحديداً القائد” لأني ابن هذين البلدين وعشت في عمق أحداثهما بكل تفاصيلها حتى أني نسيت بأن هناك حياة على هذه الأرض ولم أمتهن يوماً التدليس والتحليس والدجل والتفنيص، لم أقل يوماً إلا الحقيقة التي ليس فقط أقتنع بها شخصياً وإنما الواقع المرير من أشكال الظلم والعدزان على الدول والشعوب الذي اهتز له حتى الحجر وكأنه يريد القول كفاكم قتلاً للحقيقة.
رياليست: كيف كانت صور الحالة العامة لسير هذه الانتخابات خاصة في ظل الإقبال الشعبي الكبير.. كيف يمكن أن نفسر ذلك؟
نواف إبراهيم: لقد قلت في اللقاءات التلفزيونية خلال ليلة الانتخابات بصفتي ناشط في حركة دعم الرئيس بوتين وكخبير ومراقب مستقل، أنني على مدار سنوات طويلة لم أرَ يوماً مثل هذا التلاحم الشعبي والتفاهم والتوازن والثقة بين الشعب والقائد إلا في سورية، وأن الشعب الروسي كان على قدر أكبر من المنتظر بخصوص حساسية ودقة المرحلة وشارك في هذا الاستحقاق التاريخي المهم من أجل قول كلمته وتقرير مصيره من خلال أدائه الدستوري للواجب الوطني، بغض النظر عن من كان سينتخب، وهنا نعني المشاركة غير العادية لكل أبناء الشعب الروسي داخل البلاد وخارجها، شيوخاً ونساء وأطفالاً، لقد رأيت عائلات بأكملها تؤم مراكز الإقتراع وعندما سألناهم لماذا كبدتم هؤلاء الأطفال عناء القدوم في هذه الأجواء وهذا البرد فكان الرد عليهم أن يعوا معنى الوطن وحب الوطن وأن يتعلموا أن لهم حق وعليهم حق يجب أن يمارسوه، لم أتوقع يوماً أن يتحول هذا الاستحقاق إلى هبّة شعبية وطنية منقطعة النظير، إذاً هذا الشعب الذي قدم عشرات الملايين من الشهداء في الحرب الوطنية العظمى للدفاع عن بلده يعي تماماً خطورة هذه المرحلة وأهمية قيامه بهذا الواجب وأنه لم يقع يوماً رهينة آلة الإعلام التضليلي الغربي ضد بلده، ويعرف حق المعرفة بأنه كي يبقى بمنأى عن ما جرى في دول أخرى كأمثلة حية على الدمار الذي أحدثته شعارات الغرب بالديمقراطية وحرية الإنسان والعدالة والمساوات وغيرها من الشعارات الزائفة، رأى أن عليه المساهمة في الرد على من يريدون خراب بلده بنفس القوة وبالتوازي مع الجيش في الميدان.
رياليست: أنت كمراقب وخبير وكونك ربطت بين مصير روسيا وسوريا في ظل ما يتعرضان له، برأيك مالذي يجب أن تفعله روسيا لصد هذه الحرب الإعلامية؟
نواف إبراهيم: هذا السؤال مهم وطرحته على وسائل إعلام روسية، أقول صراحة، ينتظر الشعب السوري دعماً مستفاضاً في تحسين المستوى المعيشي والاقتصادي في سورية بالدرجة الأولى، ليس بالإحسان أو ما شابه وإنما من خلال تبادل الواجب، ومن خلال المشاريع المشتركة والاستثمارات بمختلف أنواع، والدعم اللوجستي في إحياء الاقتصاد ورفع ضغوط الحصار عن كاهل الشعب السوري، وهذا لا يتطلب من الدولة الروسية أن تبذل جهداً مضافاً أو تجترع أي إجراءات غير ممكنة لهذه المواجهة، عملياً روسيا فعلت ما بوسعها من أجل مساعدة سورية على دحر الإرهاب والقضاء عليه، وعلى مواجهة الضغوط الخارجية، واستخدمت حق الفيتو في عدة مرات حاسمة، وبالحقيقة روسيا منذ زمن الإتحاد السوفيييتي وقفت إلى جانب سورية ودعمتها في حرب تشرين التحريرية ضد الكيان الإسرائيلي، وفي ثمانينيات القرن الماضي نشرت روسيا”زمن الإتحاد السوفييتي” منصات الدفاع الجوي “صواريخ زينيت” في حمص وضواحي العاصمة دمشق لمساندتها في مواجهة أي عدوان خارجي و في الدفاع عن وحدة أراضيها، لذا أمام علاقات الصداقة والأخوة التاريخية بين البلدين لايمكننا أن نتحدث عن أكثر من هذه الحميمية في العلاقة، أما فيما هو قادم فيمكن لروسيا أن تساند سورية في مجالات مختلفة لإعادة النهوض بالبلاد، وهناك شيء مهم وملفت جداً بأنه خلال ليلة الانتخابات التي نظمت على أعلى مستوى بمشاركة كبار الشخصيات الرسمية والحزبية والسياسية والإعلامية والثقافية والشعبية ورؤساء المنظمات والأحزاب، ومراقبين دوليين وشخصيات دولية بارزة جداً وذات أثر وثقل كبيرين على الساحة الدولية، كان هناك حضور كبير لسورية على ألسنتهم وخلال لقاءاتهم وكلماتهم سواء من الروس أو ممثلي دول غربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا، ووجهوا التحايا إلى الشعب السوري واللرئيس بشار الأسد، وعبروا عن التضامن مع سورية ضد الهجمة الغوغائية الإرهابية على البلاد مؤكدين أن نصر سورية مؤكد رغم هول ما عاناه ويعانيه الشعب السوري من نفس جوقة الأعداء الذين يحاولون تدمير روسيا، ولا بد من التذكير بمدى إخلاص موقف الرئيس بوتين شخصياً تجاه سورية والشعب السوري، والتاريح سوف يكشف يوماً من الأيام كثير من ما لا يحكى هذه الايام.
رياليست: حظيت هذه الانتخابات باهتمام إعلامي دولي كبير، كيف تصور لنا واقع ما جرى؟
نواف إبراهيم: وسائل الإعلام الروسية نقلت الواقع كما هو وعلى أعين العالم، والجهات الروسية سمحت لكل وسائل الإعلام أن تجري ما تراه من تغطيات لازمة دون أي قيد أو ممانعة شرط أن تبث هذه الوسائل ماهو ليس موجوداً أو ملموساً أو يرى بالعين وهذا ما كان، حتى لا تكن مشاركة بشكل أو بآخر طوعاً أو مجبرة على مجاراة حملة التضليل التي ساقها الغرب الجماعي لتخريب سير عملية الإنتخابات، وهنا الرد جاء من الشعب الروسي نفسه الذي خذل من أراد التأثير على نفسيته وذهب بشكل كبير جداً إلى صناديق الاقتراع حيث توفرت كل الخدمات والإمكانات والآليات اللازمة لراحة الناخبين، حتى من لا تسمح له أوضاعه أو صحته بالذهاب أعطيت له الفرصة بممارسة حق الاقتراع إلكترونياً، وهذه سابقة لم تحدث في دول، فقد صوت إلكترونياً حسب المسجلين رسمياً ما يزيد عن 8 ملايين ناخب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وجود أكثر من 1100 ناخب من عدد كبير من دول العالم، وحسب المعلوم من 129 دولة. خبراء ومراقبون وإعلاميون وباحثون وبرلمانيون وحزبيون، كلهم ساهموا بنقلهم صورة الواقع عبر وسائل إعلامهم الرسمية أو الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي في صد الحملة الدعائية الغربية مباشرة من أرض الحدث، وهنا لا يمكن لأحد أن يكذب العين والصورة، وهذا ما حقق ضربة قاضية للحملة الإعلامية الغربية الشرسة التي استهدفت الانتخابات لتقويضها، وهم يتحدثون عن الديمقراطية التي لا يمتلكون منها شيئاً، في وقت زادت فيه مشاركة الشعب في الاقتراع بنسبة تزيد عن 77 بالمئة وهذا ما لم يحصل في أي من دول العالم بما فيها الدول الغربية التي في أحسن حالاتها كانت تصل إلى حدود الخمسين أو ما تحت الستين بالمئة ونادراً فوق ال60% بقليل، ونسبة نجاح الرئيس بوتين التي شارفت على 90% لم يحصل عليها رئيس من رؤساء الدول التي لطالما تغنت بالديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها بما فيها شعوبها، هذا الرد الروسي القوي جاء من الشعب الروسي ومن أصدقاء الشعب الروسي.
رياليست: بناء على ما تحدثتم به آنفاً، بما تختلف هذه الانتخابات عن غيرها من الدول الأخرى؟
نواف إبراهيم: أولاً، لا وجه ولا مجال للمقارنة بين هذه الانتخابات وبين نظيراتها في الغرب الجماعي، ولا أحبذ تفنيد وتظهير ماهو مفند وظاهر أصلاً، على العكس أفضل أن أتحدث عن أوجه الشبه بين الانتخابات الرئاسية في سورية ونظيرتها في روسيا، كون البلدان يعانيان من نفس الحرب ومن نفس الضغوط ونفس الظروف، ويواجهان نفس الكتلة السرطانية بكل مفاهيمها وأدواتها وحقارتها، صورة واحدة طبق الأصل لنفس السيناريو ونفس المخرجين ونفس الأدوات ولكن في فارق زمني متغير وجغرافيا أخرى.
لقد كان لي الشرف أن أكون عضو لجنة الانتخابات الرئاسية السورية في روسيا خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2014، وحينها رغم الضغوط ورغم الظروف ورغم الحرب الطاحنة على سورية والمضايقات والتهديدات والحملات الإعلامية الغربية، ذهب الرئيس بشار الأسد إلى إجراء الانتخابات ولم يخذله الشعب رغم كل المخاطر في البلاد وفاز فيها بقرار من الشعب السوري رغم الطحن الذي عاشه وما زال، وهذا أحد أهم مساند بقاء سورية إن لم يكن بالحقيقة روح الأساس ليكتمل بعد ذلك بما قدمه الأصدقاء والحلفاء وقدرة الدولة على التماسك، وها هو الرئيس بوتين يمر بنفس الظرف حالياً، فها هو قبل هذه المخاطرة وهذا التحدي رغم كل المخاطر التي تحيط بالبلاد جراء الحرب الدائرة والوضع الصعب وكذلك الأمر لم يخذله الشعب وهذه هي الصورة الحقيقة لتلاحم الوطن والشعب بكل ما تعنيه الكلمة، في الوقت الذي تهرّب فيه الكثير من القادة بما فيهم الغربيون من إجراء الانتخابات عندما كانت تحيط بهم ظروف ما أصلاً ليست بهذه الخطورة، أجلوا الانتخابات إما لكي يحافظوا على كراسيهم أو انتظاراً لتهدأ الأحوال خوفاً على مصالحهم، وآخرهم كان زيلينسكي الذي تعيش بلاده نفس ظروف الحرب فلم يقم بإجراء الانتخابات والأسباب واضحة، هذا هو الفرق وهذه هي الصورة وهذا هو الشبه.
رياليست: كيف تستقرئون قادمات الأيام ولو بالعناوين، كونه موضوع شائك ويحتاج إلى حديث منفرد وخاص؟
نواف إبراهيم: بالمحصلة ما تبقى من مستقبل قادم بعد الاستحقاق الرئاسي الروسي يمكن استقرائه بسهولة من جهة روسيا وكيف ستكون السياسة الروسية، وخاصة بعد أن صوت الشعب الروسي لدعم الحرب ولدعم السياسات الداخلية والخارجية للرئيس بوتين شخصيا ولإدارته بالعموم، الشعب أعطى تفويضاً لا شك فيه في أن يستمر الرئيس بوتين في السياسة التي يتبعها حالياً والقابلة للتطوير إلى أكثر توسعاً وشمولية على كافة الصعد وفي مختلف الاتجاهات، وأهمها التفويض باستمرار العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وهذا ما قض مضجع الغرب وخيب كل آماله في أن يركع روسيا ويزيح الرئيس بوتين من خلال التخريب الداخلي في البلاد وتضليل الشعب لتوليفه ضد الرئيس بوتين معتمداً على ما يصوره هو من اهتزازات سياسية واجتماعية واقتصادية داخل روسيا، في وقت دلت فيه جميع التقييمات والدراسات حتى التي قامت بها مراكز بحوث ودراسات غربية على أن تأثيرها يكاد لايذكر على الأوضاع في البلاد عموماً، لا بل زادت من قدرة روسيا على التحول من مواجهة مكانك راوح أو الردع إلى الهجوم اعتماداً على كل ما ذكرناه آنفاً مع ثبات وتطور إقتصادي نادراً مايحدث في أي دولة تعيش حالة الحرب.
رياليست: ما هي المتغيرات المنتظرة على صعيد الداخل الروسي وخارجياً لجهة العلاقات مع الدول الأخرى؟
نواف إبراهيم: على أقل تقدير يبدو أننا سوف نرى بداية تغيرات كبيرة هذا الصيف على المستوى الداخلي الروسي في منظومة الإصلاح في كافة أجهزة وإدارات الدولة حسب ما يدور خلف الكواليس، كون الحرب كشفت الكثير من العث المستتر واللوبيات ذات الوجه الوطني والباطن الليبيرالي الجديد الذي يتوق لأن يبقى مع الغرب رغم كل ما أذاقه لروسيا وللشعب الروسي، وكذلك بخصوص العملية العسكرية إذ أنه من المتوقع جداً أن نرى الجيش الروسي ليس على أبواب كييف وإنما في قلبها، كون على ما يبدو هناك مرحلة ترتيب طويلة الأمد لمستقبل روسيا أساسها النواة الوطنية سواء لجهة الإدارات والكوادر أو لجهة المصالح والمشاريع الوطنية البحتة بعيداً عن سيطرة المؤسسات الاقتصادية والسياسية والإعلامية العالمية، التي حكمت العالم منذ آلاف السنين، والأكثر من المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة على المدى القريب متابعة تمتين التحالفات الإقليمية والدولية الروسية التي لا مجال لذكر تفاصيلها حالياً لكنها باتت واضحة وتم وضع الختم عليها بشكل لا لبس فيه من قبل عدد كبير الأحلاف والقوى والتكتلات الإقليمية والدولية الصاعدة والدول التي كانت شبه مترددة في مواقفها مما يجري وتجاه روسيا بالضبط، وعلى المستوى الدولي تحديداً الصين التي مافتىء أن أعلنت نتائج الانتخابات وفوز الرئيس بوتين الكاسح أن عبرت عن وقوفها إلى جانب روسيا في حال تعرض لهجوم خارجي، وعربياً أيضا كان موقف دول المنطقة واضح وخاصة السعودية، أما عن إيران فلها حسابات منفردة وهي في قمة الإيجابية على غير ما قد يراه أو ينتظره البعض، أما تركيا فستبقى حليف الضرورة على أن تقشع عين قيادتها مصلحتها الحقيقة أين، مع الأخذ بعين الاعتبار التمايزات الجيوسياسية والمشااريع المزمع تنفيذها عالمياً، أما الكيان الصهيوني حسب تقديراتنا سوف يكون سبره سبر الغرب في التعاطي مع تماديه، لكن بهدوء وعلى نار هادئة لعدة اعتبارات جلها مفهوم، وبعضها غير قابل للشرح والتأويل وإنما يحدده مواقف الدولة الروسية في قادمات الأيام من أسخن الملفات العالمية وخاصة قضية الصراع العربي الإسرائيلي، الذي قال عنه الرئيس بوتين شخصياً إنه السبب الأساسي في ما يعيشه الشرق الأوسط من حروب ونزاعات وإرهاصات، ولا يمكن أن تهداً المنطقة في ظل سياسات الكيان العدوانية دون حل القضية الفلسطينية، ولا يمكن حل القضية الفلسطينية دون أن يعطى الشعب الفلسطيني جميع حقوقه التي ضمنتها له القرارات الدولية دون أي نقص فيها، إذاً الرئيس بوتين حقق كل نقاط الإرتكاز ومساند التقدم دون مواربة أو أن يضطر إلى الدخول في حسابات مجهولة أو غير معلومة النتائج مستقبلاً، لكن قولاً واحداً باتت روسيا محرك التغيير في العالم من عالم وحيد القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، بمعنى أن فوز بوتين جعل مصير عالم أحادي القطب في مهب الريح فعلياً، وقضية ولادة هذا العالم ليست إلا مسألة وقت ومرهونة بمدى التعاضد الدولي في هذا الاتجاه، وبنفس الوقت بات الرئيس بوتين الشخصية رقم واحد في العالم التي يحسب لها ألف حساب، وبكافة الأحوال مع بقاء الرئيس بوتين في سدة الحكم لدولة نووية عظمى كروسيا فإن العالم حكماً لن يبقى كما كان قبل الانتخابات الرئاسية الروسية، والقول الفصل لقادمات الأيام.