القاهرة – (رياليست عربي): دخلت الحرب الأوكرانية في منعطف دقيق جداً، ويوجد العديد من السيناريوهات التي تلقي بظلالها على كثير من مناطق العالم، ولتفنيد هذه السيناريوهات، أجاب اللواء، الدكتور، سمير فرج، على العديد من التساؤلات المهمة في هذا الصدد.
أهم تصريحات اللواء، سمير فرج لـ عين على الشرق:
الربيع القادم “نقطة الفصل” في الحرب الأوكرانية.. إما تسوية أو هجوم روسي كاسح لإنهاء الحرب.
الرابحون والخاسرون: أوكرانيا خسرت بلا شك، وأمريكا ربحت، وروسيا ضمت 20% من الأراضي بالإضافة للقرم.
الصين تتعامل بحكمة ولا تسمح لأحد باستدراجها لنزاع مسلح حتى ولو حول تايوان.
نهاية “القطب الواحد” وبداية بزوغ عالم متعدد الأقطاب، الهند تحافظ على استقلاليتها والصين وروسيا وكوريا الشمالية مقابل أمريكا والغرب.
الطائرات المسيرة أهم دروس الحرب للجانب الروسي، والدبابة وجنود المشاة لن يختفوا في حروب المستقبل ابدا.

هل نحن على مشارف نهاية الحرب في أوكرانيا؟ أم ثمة مؤشرات قوية على دخول الحرب مرحلة جديدة من التصعيد؟
اللواء سمير فرج: نحن في الشهر الحادي عشر من الحرب وبعد استيلاء روسيا على 20% من الأراضي الأوكرانية – استراتيجية بوتين في فترة الشتاء، أما في الربيع لن يقوم بعمليات كبيرة في هذه الفترة، وهو فقط يدمر بنية أوكرانيا التحتية، وشهادة زيلينسكي بالنسبة للكهرباء وانقطاعها عن 9 مليون أسرة فاضحة، حيث يغلق بوتين صنبور الغاز إلى أوروبا ليأجج الشعوب الأوروبية على حكوماتها، على الجانب الآخر تدير أمريكا حرباً بالوكالة على عدوها الثاني (روسيا) لاستنزاف أكبر قدر من الاقتصاد الروسي. وربما نتفق أو نختلف في هذا الصدد لأنه لم تزداد البنى التحتية داخل روسيا بشأن كبير لأنه في حالة اقتصاد حرب – وعليه أمريكا تطيل أمد الحرب بالأسلحة الدفاعية لأوكرانيا، وروسيا لن تسمح بتمديد فترة الحرب، وأوكرانيا تريد سلاح هجومي من الناتو، وخلافات حادة بين دول الناتو فيما يخص موضوعات (الدبابات) سواء على دبابات أبرامز الأمريكية أو ليوبارد الألمانية وبولندا ستقوم بتصدير ما لديها من دبابات لأوكرانيا بناء على الموافقة الألمانية.
مع نهاية فصل الشتاء سنشهد مرحلة جديد في الحرب، ما هي السيناريوهات؟
اللواء سمير فرج: فبعد نهاية الشتاء إذا دخلنا بمعاهدة سلام برعاية الأمم المتحدة ستهدأ الأمور – أما اذا فشلت المفاوضات ستقتحم روسيا أوكرانيا وستستولى على كييف العاصمة ولن يكون هناك أوكرانيا وستحصل روسيا على البحر الأسود بعد استيلائها على بحر آزوف ويحول أوكرانيا دولة حبيسة بعد استيلائه المتوقع على أوديسا.
الهزيمة ليست خياراً مطروحاً من قبل بوتين – ما رأيك؟
اللواء سمير فرج: لا بوتين سيصبح مهزوماً ولا الناتو أيضاً – إذا كان هناك معاهدات سلام فروسيا ستطالب أن تصبح أوكرانيا دولة محايدة كـ سويسرا، ووقف طلب أوكرانيا الدخول في عضوية الناتو، وكذلك الاعتراف بضم القرم، وكذلك الاعتراف بالأربع جمهوريات الجديدة، أما الطرف الآخر سيطالب بوقف الاعتداء والانسحاب الروسي والتعهد بعدم تكراره وكذلك تعويض أوكرانيا روسيا عما أصابها من أضرار. واقعياً – شبه جزيرة القرم أراضي روسية بالأساس وحق روسي – الأربع جمهوريات ربما يعقد استفتاء جديد تحت الأمم المتحدة يتيح لهم حرية الانضمام لأي من الدولتين أو اعطائهم حكم ذاتي، وإذا لم يحدث ذلك روسيا ستدمر أوكرانيا وكل الإشارات تدل على ذلك. إذا لم تحصل أوكرانيا على أسلحة هجومية من دبابات وبشكلٍ كافٍ لن تحقق شيء، وروسيا لديها 13000 دبابة.
كيف تفسر حالة الهدوء النسبي من الرأي العام الاوروبي والأمريكي والروسي بل والدولي في مواجهة الحرب؟
اللواء سمير فرج: وعليه كان بوتين يضرب بحرب الغاز (البرد) ومع تأثير انحسار الغاز ستتحرك الشعوب ضد أنظمتها.
كيف تفسر حالة عدم تحرك القوى العالمية والمنظمات الدولية لإنهاء الحرب، والتعايش معها كما لو أنها “نقطة نزاع أخرى”؟
اللواء سمير فرج: أمريكا هي من تدير النزاع – ومع حلف الأطلسي أمريكا تتحكم في كل شيء ولو أرادت إنهاء الحرب لأنهتها.
بتقييم محايد من ربح ومن خسر، ووفقاً لأي معيار، وهل غيرت الاطراف من أهدافها المعلنة، وهل هناك أهداف خفية؟ وأي نوع من الحروب هذه؟
اللواء سمير فرج: من انتصر من حقق هدفه في الحرب – أمريكا من وجهة نظرها انتصرت مع إضعاف الاقتصاد الروسي لمدة عام – وروسيا انتصرت بعد حصولها على 20% من الأرض الأوكرانية ولم تدخل أوكرانيا للناتو.
وهي حرب محدودة تقليدية (بين دولتين) ولكن تأثيرها على العالم أجمع، وليست حربا نووية كبرى.
البعض ذهب إلى أننا أمام سباق تحالفات يشبه ما قبل الحرب العالمية الأولى، وفي المقابل يرى آخرون أن الامر يتعلق بصراع مع الصين في الاساس، اننا سنري سياسة احتواء نشطة، كيف تري هذه التقديرات؟
بالفعل، فقد دعا بوتين الرئيس الصيني تشي لزيارته في مارس الجاري، الصين تلعب باحتراف كـ ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، وما تريده أمريكا ضرب الصين، وعليه بوتين يحاول ضم الصين وكوريا الشمالية معه في تحالف، ولكن الصين تلعب بحرفية وبثقل ولا تريد خوض معارك تقوض اقتصادها حتى تسير بالقوة الاقتصادية التي تريدها. والصين لديها مشروعات كبرى مثل طريق الحرير وغيرها، وأيضا مسيطرة على الاقتصاد في إفريقيا، وعليه أمريكا تحاول أيضا مد افريقيا بالدعم والمساعدات. ولن يكون هناك حرب نووية ولكن ربما يتم استخدام قنابل تكتيكية لتحقيق أهداف معينة.

العيون كلها على الصين.. كيف ترى معالجة بكين لهذه الأزمة حتى الآن، وسلوكها مستقبلاً؟
اللواء سمير فرج: الصين طرف ذكي ولا تدخل في نزاعات تجعلها خاسرة، وحتى مع زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان لم تتورط الصين في أي شبهة نزاع يضعف اقتصادها وهي تركز كثيرا على الاقتصاد، وتشي حصل على الفترة الرئاسية الثالثة وهذا يجعلها أكثر استقرارا.
هل سيسمح هذا النزاع بوجود حروب أو نزاعات أخرى في أوروبا وخصوصاً بعد تفكيك يوغوسلافيا؟
اللواء سمير فرج: ربما فعلاً لأن ربما يزيد تعداد الناتو إلى 30 دولة لأن الحروب دائماً ما تغير شكل العالم سواء مع أو ضد وعليه مصر تسير بسياسة محايدة ومحترمة وننتظر دخول الربيع كما قلت سابقا إعادة تشكيل العالم.
هل نحن على مشارف نظام عالمي جديد، وكيف ترى ملامحه؟
اللواء سمير فرج: بالفعل – فبعد انتهاء هذا النزاع، لن تكون قوة وحيدة مهيمنة على القرار العالمي سيوجد تحالف بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية – حتى اليابان نفسها زادت الميزانية العسكرية الخاصة بها 46% لتقترب من ميزانية روسيا – وحتى الهند ولكن أيضا الهند تسير بخطى تشبه الصين لأنها تبني اقتصادها، وتصنف كـ رابع قوة عسكرية في العالم بموجب تصنيف (جلوبال باور)، أما (عدم الانحياز) ليس لها محل من الإعراب حالياً.
هل تغيب الدبابات عن الحروب في المستقبل؟
اللواء سمير فرج: بالطبع لا وهي من أسباب النصر في المعارك.
هل سيختفي الجندي من ساحة حروب المستقبل؟
اللواء سمير فرج: طبعا لا – الجندي النظامي طرف أساسي في أي معركة وتحقيق انتصار.
هل يمكن لجيش “الطائرات المسيرة” تغيير مجريات الحرب؟
اللواء سمير فرج: نعم وهي أحد أخطاء روسيا في الحرب الدائرة، لأنها لم تطور خط من الطائرات المسيرة الخاصة بها، وأنها في المستقبل ستكون حاسمة لأنها أرخص. ويرجى مراجعة أزمة خليج الخنازير في الستينات من القرن الماضي ما بين كوبا وأمريكا. والحرب كانت حتمية لبوتين وسيربحها، وأوكرانيا كانت حساباتها خاطئة 100% ولو كان من اليوم الأول قال زيلينسكي أنه لن ادخل الناتو لكان حمى بلده من الدمار.
هل نجحت منطقتنا في النأي بنفسها من خلال سياستها الخارجية؟
اللواء سمير فرج: الحمد لله لدينا علاقات متزنة وجيدة مع الجميع سواء روسيا أو الصين أو أوروبا او أمريكا فنحن نسير بخطى ثابتة لدينا مشاكل نحاول حلها ونبني مصر بالشكل اللائق وهذا ما يهمنا.
تقديم: الأستاذ محمد صابرين.
إعداد وإنتاج وكتابة: الأستاذ أحمد مصطفى – رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة.
خاص وكالة رياليست.