بيروت – (رياليست عربي): خسر لبنانيون مدخرات حياتهم المالية بعملة بلدهم داخل وطنهم، وينطبق عليهم العبارة الدارجة في الشارع اللبناني “ضاعت تحويشة العمر”، وذلك ليصل الأمر إلى تحرك مواطنين كانوا يدخرون أموالهم بالعملة اللبنانية إلى مكاتب الصرافة، حاملين إياهم إما في حقائب كبيرة أو “كراتين” أو “أشولة”، ليستبدلونها في النهاية بمبالغ تتراوح ما بين ألف إلى 5 الآف دولار أمريكي.
وكانت تساوي هذه الأموال قبل عامين، وبالتحديد مع احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول في 2019، ثم انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ أب 2020، ما بين 100 إلى 200 ألف دولار، عندما كانت تثبت سعر الدولار 1500 ليرة، لكنه تجاوز الآن أعتاب الـ31 ألف ليرة.
وفقد مواطنين لبنانيين الأمل، ولا يجدون أي بصيص يتعلق بضبط حتى لو على استحياء لقيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، والتي وصلت لدى تعاملات السوق الموازية “السوداء”، وهي الأسواق المالية الوحيدة المتواجده في البلاد، في ظل عدم وجود سوق رسمي إلى أكثر من 30 ألف، وخرجت أنباء بسوق العملة ببيروت، عن أنه مع قدوم فصل الربيع قد يساوي الدولار 50 ألف ليرة.
ويتحرك مواطنون لبنانيون، بمدخراتهم التي يرى البعض أنه من الأفضل استخدام ورق البنكنوت، كورق رقيق يلف “التبغ” فيه كـ”سجائر”، بعد أن باتت ورقة الـ 100 ألف ليرة تساوي على أقل تقدير 3 دولارات فقط، فكان وضع الأموال في “حقائب” و”كراتين” للتبديل بالدولار وفقاً للسعر الحالي قبل أن تصبح ورقة الـ50 ألف بدولار واحد فقط.
وتقف السلطات اللبنانية “مكتوفة الأيدي” عن التعامل مع هذه الأزمة التاريخية التي جعلت الشعب اللبناني في أسوأ أزمة تمر عليه، حتى عجزت الأجهزة اللبنانية حتى عن ملاحقة عصابات تزوير عملة الدولار الأمريكي الذي يعتبر عملة تتداول مصرح بها مثل العملة الوطنية “الليرة اللبنانية” منذ عقود، وينتشر هذا التزوير بشكل واضح من جانب عصابات تخصصت في هذا الأمر، في ظل إنهيار الليرة أمام الدولار الأمريكي في أطار السقوط التاريخي لـ”الليرة”، بالتزامن مع الأزمة المالية التي تعيشها لبنان، والتي تعاظمت مع انفجار مرفأ بيروت منذ عامين.
وتحدث خبراء مصرفيون، في تصريحات خاصة، في وقت سابق، إن ما يتم ضبطه من تلك العصابات لا يزيد عن 5% فقط من العصابات المنتشرة من هذا النوع، لافتين إلى أن التزوير كان مقتصراً فقط على عملة الدولار من الفئة القديمة “البيضاء” نظرا لصعوبة تزوير الجديدة “الزرقاء” ولكن هذه أيضاً، ابتكرت عصابات طرق لتزويرها، لاسيما فئة الـ100 دولار.
وسعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مثبت منذ العام 1997 عند 1507 ليرات للدولار، إلا أن القيمة السوقية للعملة الوطنية تراجعت بأكثر من 95 بالمئة في غضون عامين من الأزمة الاقتصادية، وبات الحد الأدنى للأجور أقل من 23 دولاراً، بينما تواصل أسعار الوقود والعديد من السلع الأساسية التي لم تعد مدعومة من قبل السلطات ارتفاعها.
ويرزح 80 % من اللبنانيين الآن تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، ما يعد إفقاراً متسارعاً يعود سببه بشكل خاص إلى التضخم الذي يفوق 100 %، ويضاف هذا الانخفاض الجديد إلى المشاكل العديدة التي تواجهها الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، والتي لم تعقد أي اجتماع منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بسبب الخلافات السياسية بين أعضائها.
خاص وكالة رياليست.