لندن – (رياليست عربي). هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ خمسة أشهر بعد أن أعلنت وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن الإمدادات العالمية تجاوزت الطلب بملايين البراميل يومياً، ما أدى إلى تحوّل السوق إلى فائض ضخم في المعروض.
وتراجع خام برنت بنسبة تصل إلى 3% مسجلاً 61.50 دولاراً للبرميل يوم الثلاثاء — وهو أدنى مستوى منذ مطلع مايو — قبل أن يستقر عند 62.26 دولاراً في تعاملات الأربعاء المبكرة في آسيا.
وقالت الوكالة في تقريرها الشهري إن البيانات الأولية تشير إلى زيادة «هائلة» في شحنات النفط خلال سبتمبر نتيجة ارتفاع الصادرات من المنتجين الرئيسيين، مما يدل على أن الإنتاج العالمي بات يفوق الاستهلاك الفعلي.
ووفقاً لتقديرات الوكالة، سيبلغ متوسط الفائض في الإمدادات نحو 3.2 مليون برميل يومياً خلال الفترة من أكتوبر 2025 إلى يونيو 2026، مقارنة بتوقع سابق لفائض قدره مليونا برميل يومياً يمتد حتى العام المقبل.
«إذا تراكم الخام في الولايات المتحدة أو أوروبا — وهما منطقتان رئيسيتان في تحديد الأسعار — فقد تتعرض الأسعار لضغوط هبوطية إضافية»، حذرت الوكالة.
ردود السوق وسياسة «أوبك+»
جاء الهبوط الحاد يوم الثلاثاء رغم إعلان تحالف أوبك+ مؤخراً عن زيادة طفيفة في الإنتاج بمقدار 137 ألف برميل يومياً لشهر نوفمبر، في إشارة إلى نهج أكثر حذراً بعد سنوات من الزيادات المنتظمة في الإمدادات.
لكن محللين قالوا إن توقعات الوكالة المتشائمة طغت على رسالة «أوبك+».
وقال جيوفاني ستاونوفو، محلل السلع في بنك «يو بي إس»:
«إما أن السوق يسعّر المعطيات بشكل خاطئ تماماً أو أن تقدير الفائض مبالغ فيه. أعتقد أنه مرتفع إلى حدٍّ ما».
وأضاف أن الثقة في الطلب المستقبلي لا تزال أقوى مما تتوقعه الوكالة، مشيراً إلى أن الأسعار لم تتراجع بهذه الحدة إلا بعد صدور التقرير.
عوامل عالمية تضغط على المعنويات
وتواجه أسعار النفط ضغوطاً إضافية بسبب التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، بعدما هدد الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، إضافة إلى انحسار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط عقب وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، ما قلل المخاوف من اضطرابات الإمداد.
وقالت الوكالة إن الفائض الحالي جاء بعد أشهر من تخزين كميات ضخمة من الخام في الصين ودول مستوردة أخرى، مما رفع المخزونات العالمية إلى أعلى مستوى في أربع سنوات بين يناير وأغسطس.
وتتناقض هذه التقديرات مع تقرير «أوبك» الصادر يوم الاثنين، الذي أبقى على توقعاته الإيجابية للطلب في عام 2025 ووصف أساسيات السوق على المدى القريب بأنها «داعمة بوجه عام» رغم تقلبات العقود الآجلة.
التوقعات: تراجع مؤقت أم ضعف مستدام؟
في منتدى الطاقة الدولي في لندن، توقّع بن لوكوك، الرئيس المشارك لتداول النفط في شركة «ترافيغورا»، أن تنخفض الأسعار إلى ما دون 60 دولاراً مؤقتاً قبل أن تتعافى لاحقاً.
«أتوقع أن نصل إلى الخمسينيات في فترة عيد الميلاد ورأس السنة، لكن البقاء هناك طويلاً سيكون خطأ»، قال لوكوك.
ومع ارتفاع المخزونات العالمية وتزايد الغموض الاقتصادي، يرى محللون أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة لتحديد ما إذا كان هذا الهبوط مجرد تصحيح مؤقت أم بداية مرحلة أطول من ضعف أسعار النفط العالمية.






