القاهرة – (رياليست عربي): زاد الحديث في الداخل المصري مؤخراً، حول الأضرار المحتملة لمشروع سد النهضة الإثيوبي، على حصة المياه المخصصة لدولتي المصب القاهرة والخرطوم، عقب إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد على الانتهاء من المرحلة الرابعة لملء السد.
وتحدث وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، حول الأضرار المحتملة على بلاده جراء ملء وتشغيل سد النهضة، دون التوافق مع مصر وفشل جولة المفاوضات التي عقدت مؤخرا بين الجانبين في العاصمة المصرية «القاهرة» ولم ينتج عنها نتائج مريحة للأطراف.
وقال وزير الري المصري الأسبق، إن إيراد النيل السنوي، يبلغ متوسطه ٨٤ مليار متر مكعب مقاسا عند أسوان، أي حوالى ٥٪ من الأمطار الساقطة على الحوض فى دول المنبع. و تبعا لاتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان، تستخدم السودان كامل حصتها المائية (١٨.٥ مليار متر مكعب)، ويخزن باقي التصرف في السد العالي للإيفاء بحصة مصر المائية التي تبلغ ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنويا. ويفقد بالبخر من بحيرة السد حوالي ١٠ مليار متر مكعب. وأى زيادة في الإيراد السنوي عن القيمة المتوسطة، في سنوات الفيضان العالية، يتم تخزينه في بحيرة السد العالي لاستخدامه في السنوات منخفضة الايراد.
دكتور محمد نصر الدين علام، تابع قائلا: إن السد العالي تصل سعته التصميمية نحو ١٦٠ مليار متر مكعب، منها مخزون ميت مخصصا للطمى والمواد الرسوبية، ومخزون طوارئ للتحكم في الفيضانات الضخمة، ومخزون (السعة الحية) الذي يستخدم لتنظيم تصرفات المياه لمصر يوميا وبطول السنة، وذلك في حدود حصتها المائية للايفاء واستخداماتها الكلية من زراعة وشرب وصناعة وملاحة وتوليد الكهرباء ومزارع سمكية. كما يتم تخزين فائض المياه فى سنوات الفيضان العالية لاستخدامها في سنوات الجفاف. ويوجد مفيض توشكى، في بحيرة ناصر، لصرف كميات المياه الزائدة في المخزون، والتي قد تهدد سلامة السد، إلى منخفض توشكى.
ومتوسط تصرف النيل الأزرق السنوي يبلغ حوالي ٤٩ مليار متر مكعب، وبقية تصرف النيل (٣٥ مليار متر مكعب فى المتوسط) يأتي من النيل الأبيض ونهر عطبرة. وتبلغ سعة سد النهضة ٧٤ مليار متر مكعب، أى مرة ونصف متوسط تصرف النيل الأزرق. مخزون السد الفعال (حسب التصريحات الإثيوبية) يبلغ حوالى ٥٠ مليار متر مكعب وذلك عند منسوب ٦٢٥ م، تعمل عنده جميع توربينات السد بكفاءة. ويتم ملء سعة السد كاملة أثناء الفيضان (حسب التصريحات الأثيوبية)، ويتم تصريف المياه المخزنة حتى منسوب ٦٢٥م (مخزون ٥٠ مليار) من خلال التوربينات الى دولتى المصب.
وهناك فواقد تخزين في سد النهضة عن طريق البخر والرشح، وقد قدرها البعض بحوالى ٥ مليار متر مكعب سنويا، وقد تزيد عن ذلك قليلا. وكل نقطة مياه تخزن أو تفقد بالبخر أو الرشح أمام سد النهضة، هى الحقيقة من حصة مصر المائية، وكانت من المفروض أن تخزن في بحيرة السد العالي أي أن مخزون سد النهضة كان وسيكون على حساب المخزون المائي للسد العالي، وسيؤدي ذلك حتما الى قدرة السد العالي في توليد الكهرباء، ومخاطر في تدبير حصة مصر المائية السنوية في سنوات الجفاف، والتي كان يتم استكمالها من المخزون الحي للسد.
وأي نقص في حصة مصر المائية سوف يؤدي إلى مشاكل متفاقمة في كل أوجه الحياة في مصر. فنقص المنصرف من السد العالي سوف يؤدى الى نقص مناسيب المياه في النهر وبالتالي في الترع، مما ينتج توقف العديد من محطات الشرب ومأخذ مياه الصناعة وعجز في مياه الري ومشاكل في الملاحة النهرية وكذلك في المزارع السمكية. وتنخفض مناسيب المياه الجوفية مما يؤدي الى مشاكل جمة في مياه الشرب والرى في صعيد مصر ومياه الري في جنوب الدلتا.
ولذلك كان الشرط المصري للموافقة على السد يجب الاتفاق مع أثيوبيا على قواعد الملء والتخزين لسد النهضة، وبما يضمن ما يكفي من مخزون مائي بالسد العالي لتوفير كامل حصة مصر المائية في سنوات الجفاف مع ضمان عدم توقف محطة السد العالي لتوليد الكهرباء.
وهذه القواعد ستراعي صرف كميات من مخزون سد النهضة في سنوات الجفاف لتعويض النقص في مخزون السد العالي، وكما نعلم جميعا، فإنه حتى تاريخه مازال هناك مشاكل في التوصل لاتفاق حول هذه القواعد وخاصة في سنوات الجفاف، بالإضافة الى مشاكل ومطالب أخرى تكشف مطامع أثيوبيا التى لا تتوقف.
ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف حول السلامة الانشائية لسد النهضة، وخاصة أن انهياره كليا أو جزئيا سوف يسبب مخاطر جسيمة للسودان وانهيار سدودها وزوال العديد من تجمعاتها السكانية، ويشكل ذلك أيضا خطرا على السد العالي وسلامته. وقد قامت مصر مؤخرا بعدة إجراءات تنفيذية لتطوير مفيض توشكى، لتقليل مخاطر مثل هذه الاحتمالات على السد العالي وعلى مصر.