أنقرة – (رياليست عربي): “هل المواطن التركي بات غير قادر على أكل الموز؟!”.. عبارة تحمل سؤالاً، يصف من خلالها خبراء واقتصاديين، الوضعية الصعبة التي وصل إليها الاقتصاد التركي والحال المتردية للمواطن في الدولة التي يحكمها الرئيس رجب طيب أردوغان، مع انخفاض الليرة التركية إلى أحد أدنى مستوياتها طوال تاريخها، حيث تجاوز سعر صرف العملة التركية للمرة الأولى 11.23 ليرة تركية في مقابل الدولار الواحد، بعد خفض جديد لمعدل الفائدة الرئيسية من قبل البنك المركزي وفقا لرغبة “أردوغان”.
هذه العبارة يستخدمها اقتصاديون في شرح ضيق يد المواطن التركي في الحصول على احتياجاته ورغيف العيش، مع انهيار عملته بهذا الشكل، ولكنها في نفس الوقت، تثير غضب محللين وخبراء محسوبين على نظام حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، والرئيس أردوغان، دون فهم السبب وما يختبئ وراء هذا السؤال التعبيري!
تساؤلات أخرى لا يجد لها “الأتراك” إجابة، على حقيقة ضياع أموالهم وودائعهم مع انهيار العملة المحلية “الليرة”، بسبب سياسات نقدية يتمسك بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يبدو بحسب محللين ووفقاً لوسائل إعلام عالمية، أن شعبيته تراجعت هي أيضاً إلى أدنى مستوى لها بعد 19 عاماً في السلطة، ليراهن حالياً على النمو الاقتصادي بأي ثمن تمهيداً لإعادة انتخابه في عام 2023.
ويقول في هذا الصدد، الأستاذ والباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة باريس حسان القبي، إن المواطن التركي لم يعد قادراً على أكل الموز، فهذه حقيقة، متسائلاً:”هل تستفز أنصار الرئيس التركي لأنها تكشف حقيقة الوضع الاقتصادي أم ماذا؟!”
ويوضح “القبي” أن الاقتصاد التركي يعيش أزمة كبيرة ليس على مستوى سعر الصرف فقط الذي يعتبر المرآة التي تعكس قوة الاقتصاد أمام الاقتصاديات العالمية عندما يتم مقارنة العملة المحلية بالأجنبية، والحديث يكون أيضاً عن ميزان المدفوعات وهو مختل وسلبي، فضلاً عن نسب التنمية التي كانت في 2019 بمقدار 0.9%، وفي 2020 جاءت بـ 1.7%، وهي نسب ضعيفة مع التضخم الذي وصل 12%، ونسبة فقر بلغت 15% في 2019، وهذا بحسب البنك الدولي، لذلك فإن الأزمة الاقتصادية عميقة، وما زاد الأمر سوءاً أن الليرة التركية في سقوط يوماً بعد يوم.
ويشير إلى أن الأزمة في تركيا نقدية شاملة، سعر الصرف يتأثر بالاستقرار السياسي لأن عدم وجود هذا الاستقرار يمنع مجيء الاستثمار الأجنبي الذي يعتبر عامل مهم لزيادة الاحتياطيات الأجنبية فضلاً عن هروب رأس المال الأجنبي وأيضاً الوطني في ظل اضطرابات تراكمية وضحت مع آثار الانقلاب الفاشل الذي حدث في 15 يوليو/ تموز من عام 2016، وعملية التطهير الذي يقوم به نظام “العدالة والتنمية”، وملاحقة رجال الأعمال والقضاة وضباط من الجيش.
وتابع: “أوضاع سياسية نتج عنها وضع اقتصادي مع هروب رأس المال الوطني وعدم مجيء رأس المال الأجنبي ومغادرة المتواجد لأن رأس المال جبان ولا يذهب سوى للأماكن المستقرة التي يحقق فيها هامش ربح”.
وبحسب وسائل إعلام ومراصد دولية، فإن السياسة النقدية للرئيس التركي، تواجه انتقادات شديدة، في ظل عدم استقلالية البنك المركزي، لتهبط الليرة إلى مستويات متدنية أمام الدولار، ما يزيد كلفة الواردات.
وقال الرئيس التركي الأسبوع الماضي أمام البرلمان “طالما أنا في هذا المنصب، سأواصل معركتي ضد نسب الفوائد”، في حين يدعو بعض الخبراء الاقتصاديين الى رفع معدل الفائدة الرئيسية، وعلى عكس النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يؤكد رئيس الدولة أن رفع المعدلات يؤجج ارتفاع الأسعار، لكن رفع معدلات الفائدة هو أحد الأدوات الرئيسية لمكافحة التضخم الذي يسجل في تركيا معدلاً هو من الأعلى في العالم.
وكان البنك المركزي التركي خفض بنقطتين نسبة الفائدة في أكتوبر/ تشرين الأول، ونقطة في نهاية سبتمبر/ أيلول، ما أدى في كل مرة إلى تدهور جديد للعملة المحلية.
خاص وكالة رياليست.