جنيف – (رياليست عربي). أعلنت منظمة التجارة العالمية (WTO)، الثلاثاء، أنها رفعت توقعاتها لنمو التجارة العالمية في عام 2025 إلى 2.4% مقارنة بـ0.9% كانت متوقعة في أغسطس، لكنها خفضت توقعاتها لعام 2026 إلى 0.5% فقط، محذّرة من أن تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع الرسوم الجمركية سيقيدان النشاط التجاري الدولي.
وجاء في تقرير المنظمة السنوي «آفاق وإحصاءات التجارة العالمية» أن «نمو التجارة سيشهد تباطؤاً في 2026 مع تبريد الاقتصاد العالمي ودخول الأثر الكامل للرسوم الجمركية المرتفعة حيّز التنفيذ طوال العام».
انتعاش مؤقت بفعل الطلب على الذكاء الاصطناعي
أشارت المنظمة إلى أن حجم التجارة العالمية ارتفع بنسبة 4.9% على أساس سنوي في النصف الأول من 2025 بفضل مجموعة من العوامل المؤقتة. فقد سارعت الشركات إلى استيراد البضائع إلى الولايات المتحدة قبل دخول الرسوم الجديدة التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب في أبريل، فيما ساهمت انخفاضات التضخم والحوافز المالية وسوق العمل القوي في دعم الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصادات الكبرى.
كما أرجعت المنظمة نحو نصف هذا النمو إلى ازدهار تجارة السلع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي — مثل أشباه الموصلات والخوادم ومعدات الاتصالات — التي ارتفعت صادراتها بالقيمة بنسبة 20%.
وساهمت الولايات المتحدة بنحو خمس النمو العالمي في تجارة الذكاء الاصطناعي خلال النصف الأول من العام، بينما جاءت آسيا بنحو الثلثين، بفضل هيمنتها على إنتاج الرقائق الإلكترونية وسلاسل التوريد الرقمية.
وقالت المنظمة: «امتد نمو التجارة عبر سلسلة القيمة الرقمية — من السيليكون الخام والغازات المتخصصة إلى الأجهزة التي تشغّل المنصات السحابية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي».
تأثير الرسوم والمخاطر السياسية
وأشارت منظمة التجارة العالمية إلى أن بيئة التجارة العالمية أصبحت أكثر تجزؤاً منذ تطبيق واشنطن نظامها الجديد للرسوم الجمركية، الذي أعاد رسم مسارات التبادل عبر الحدود هذا العام. حتى حلفاء الولايات المتحدة التقليديون مثل المملكة المتحدة ما زالوا يواجهون رسماً أساسياً نسبته 10% على صادراتهم إلى السوق الأميركية.
وحذّر خبراء اقتصاديون من أن انتشار الإجراءات المقيّدة للتجارة قد يعمّق التباطؤ المتوقع في 2026، بينما قد تُسهم الاستثمارات المستمرة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات النظيفة في الحفاظ على بعض الزخم في الأجل المتوسط.
كما توقعت المنظمة تباطؤ صادرات الخدمات العالمية من 6.8% في 2024 إلى 4.6% في 2025 ثم إلى 4.4% في 2026، نتيجة تراجع تجارة السلع والإنتاج الصناعي وانعكاسه على القطاعات المرتبطة بها.
مؤشرات ضعف في الاقتصادات المتقدمة
وقالت المنظمة إن علامات الإرهاق بدأت تظهر في الاقتصادات المتقدمة، حيث تتراجع ثقة الأعمال ومعدلات التوظيف ونمو الدخل.
وأكدت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو-إيويالا أن تعافي 2025 يثبت «قدرة النظام التجاري العالمي على الصمود وأهمية النظام المتعدد الأطراف القائم على القواعد»، لكنها حذّرت من أن «الركون إلى الراحة ليس خياراً».
وأضافت: «الاضطرابات التي يشهدها النظام التجاري العالمي اليوم هي دعوة للدول إلى إعادة تصور مستقبل التجارة وبناء أساس أكثر متانة لازدهار مشترك».






