القاهرة – (رياليست عربي): ظاهرة جديدة باتت تجري في شرايين الاقتصاد المصري، لا تهدد وجود هذا الكيان فقط عبر هروب رؤوس أموال لشركات وقلاع صناعية عملاقة أو تمنع مجيء استثمارات أجنبية إلى مصر واقامة مشروعات وصناعات جديدة، بل تذهب إلى انفجار الوقت الاقتصادي وإغلاق مئات آلاف العمالة من جهة، وزيادة نسب البطالة، وهذه الظاهرة تتعلق بقيام رجال أعمال وأصحاب شركات ومصانع كبرى، بتأسيس شركات في الخارج، تقوم بشراء حصصهم ليتم التعامل من جانب الدولة والأجهزة الحكومية مع هؤلاء المستثمرين بقوانين التعامل مع المستثمر الأجنبي في ظل وجود معوقات ومخاوف تهدد أصحاب تلك الكيانات في ظل استمرارية التعامل معهم على أنهم استثمار محلي غير أجنبي.
عمليات التخارج التي تلخص تلك الظاهرة، وضحت خلال أقل من أسبوع في 3 كيانات كبرى، الأولى شركة “النساجون الشرقيون” التي تمتلك أكثر من 15 % من سوق السجاد في العالم، وشركة “دومتي” التي تعتبر أكبر قلعة صناعية في مجال الألبان والمخبوزات، وأيضاً بعد المؤسسات المملوكة لعائلة “ساويرس”.
وتبيع “النساجون الشرقيون” 48 سجادة كل دقيقة أي أكثر من 69 ألف سجادة يومياً بإيرادات بلغت 600 مليون دولار في عام 2021، وحصة 16% من سوق السجاد في العالم، وهي أيضاً أكبر شريك لشركة “ايكيا”، وبلغت القيمة السوقية لأسهم “النساجون الشرقيون” المطروحة للتداول فى البورصات العالمية 240 مليون دولار، ونقلت ملكية النساجون الشرقيون المملوكة لـ”ياسمين” و”فريدة” أبناء رجل الأعمال الراحل فريد خميس لصندوق بريطاني حيث قامتا ببيع كامل حصتيهما في الشركة لصالح صندوق “اف واي كيه ليمتد” بمقابل 1,38 مليار جنيه، وهذا الصندوق قامتا بتأسيسه الأختين “خميس” في إنجلترا.
فيما استحوذت شركة “إكسبيديشن إنفستمنتس” ومقرها موريشيوس، بالتحالف مع مستثمرين آخرين على نحو 33% من أسهم شركة الصناعات الغذائية العربية “دومتي” المصرية، حيث تمت الصفقة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 512 مليون جنيه، على أساس سعر 5.5 جنيه للسهم في حين أن البورصة المصرية حددت سعر سهم “دومتي” منذ شهر بـ7 جنيهات، وهو ما يقل بنحو 1.2% عن سعر السهم المتداول في البورصة المصرية، ويضم تحالف “إكسبيديشن إنفستمنتس” كلا من عمر محمد عبد الحميد الدماطي رئيس مجلس إدارة شركة دومتي، ومحمد عمر محمد عبد الحميد الدماطي، العضو المنتدب لدومتي، والعرض المقدم لشراء عدد 96.188 مليون سهم يمثل 34% من أسهم الشركة و المكملة لنسبة 90% من أسهم شركة الصناعات الغذائية العربية “دومتى” التي تأسست عام 1989 وهي متخصصة في صناعة الجبن ومنتجات الألبان وأضافت إنتاج العصائر في عام 2013.
ويتزامن ذلك بحسب متابعين وخبراء، مع التضييق على الشركات الناشئة و والأعمال المستقلة في ظل تقييد مدفوعات الدولار عليهم واستلام الدولار و دمجهم في الاقتصاد الرسمي بهدف زيادة حصيلة الضرائب، الأمر الذي يؤدي إلى قيام الكثير من الشركات وأصحاب الأعمال الحرة، في فتح مكاتب خاصة بالخارج تمتلك شركاتهم بالداخل ليتم التعامل معهم بمزايا المستثمر الأجنبي بجانب ما توفره دول يتوجهون لفتح تلك المكاتب فيها، من مزايا ضريبية كبيرة، الأمر الذي قام بإغراء شركات مصرية كبرى، أنشأت كيانات قانونية بالخارج لشركاتهم في مصر حتى يتم التعامل معهم معاملة المستثمر الاجنبي، حتى يستطيعون حماية أموالهم من تهديد أي قوانين أو ضرائب جديدة منتظرة من جهه، ومن جهة أخرى، يستطيعون إخراج أموالهم بالعملة الأجنبية خارج البلاد في حالة الرغبة في البيع أو توزيع الأرباح.
وفي هذا السياق، أكدت أستاذ الاقتصاد د.علياء المهدي، أن التحركات من جانب أصحاب رؤوس الأموال الكبرى في مصر ونقلهم لممتلكاتهم لشركات أجنبية هم أصحابها في الأساس بالخارج لها دلالة، وهي التي ظهرت من جانب قلاع صناعية وشركات استثمارية ومصانع كبرى على رأسهم “النساجون الشرقيون” المملوكة لعائلة “فريد خميس” وأيضاً شركات عائلة “ساويرس” و غيرهما لن تكون الاخيرة، مطالبة بضرورة وقوف الدولة على ما يستدعي أصحاب الأعمال المصريين إلى الهروب بأموالهم خارج مصر.
وأكدت “المهدي” على ضرورة قيام الدولة وأجهزتها بمواجهة هذه الظاهرة المتعلقة بتأسيس رجال أعمال مصريين لشركات أجنبية في الخارج تقوم بشكل غير مباشر بشراء حصصهم في شركاتهم القائمة على أرض مصر، وذلك عبر تحسين مناخ الاستثمار والعمل على جذب الأموال، ومراجعة السياسات الاستثمارية التي صارت “تطفيشه” بدلا من أن تكون جاذبة، مع إعادة وزارة الاستثمار لحيز الوجود لافتة إلى أن هيئة الاستثمار بشكلها و قياداتها و أسلوب إدارتها الحالية غير قادرة على جذب أي مستثمر .
وتساءلت:” كيف ستجذب تلك الهيئة الاستثمار الخارجي في الوقت الذي نحن فيه غير قادرين الإبقاء على الاستثمار المصري؟!”.