بغداد – (رياليست عربي). أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في مقابلة مع شبكة CNBC، أن العراق يعتزم إنهاء اعتماده على واردات الغاز الإيراني البالغة قيمتها نحو 4 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2028، كجزء من استراتيجية شاملة لتنويع الاقتصاد واستثمار الموارد المحلية في ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة «أوبك».
وقال السوداني:
«لقد وضعنا رؤية واضحة لمعالجة الخلل البنيوي الذي يؤثر على قدرتنا في إنتاج الكهرباء وتوفيرها للمواطنين».
وأوضح أن العراق وقّع اتفاقيات مع شركة «توتال إنرجي» الفرنسية وشركات صينية وإماراتية لالتقاط الغاز المصاحب للنفط الذي يُحرق حالياً هدراً — بما تصل قيمته إلى 5 مليارات دولار سنوياً. وأضاف:
«للمرة الأولى في تاريخ العراق لدينا خطة واضحة وإجراءات يومية لإنهاء حرق الغاز بحلول أوائل عام 2028».
توازن العلاقات بين واشنطن وبكين والرياض
يتبنى العراق نهجاً «متعدد المسارات»، إذ يحافظ على علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران في الوقت نفسه الذي يوسّع فيه شراكاته مع الصين ودول الخليج لجذب الاستثمارات في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
وقال السوداني:
«اقتصادنا وعلاقاتنا لم تكن يوماً أحادية الاتجاه. لدينا اتفاقات مبدئية مع شركات مثل شيفرون وإكسون موبيل وهاليبرتون وشلمبرجير، والاستثمارات القطرية تجاوزت 5 مليارات دولار».
وأشار إلى أن المستثمرين السعوديين والإماراتيين ينشطون في عدة قطاعات، منها مشروع الطاقة المتجددة لشركة «مصدر» الذي سينتج 1000 ميغاواط من الكهرباء.
ولا تزال الولايات المتحدة الشريك الدفاعي الرئيسي للعراق، إذ يتمركز نحو 2500 جندي أميركي في البلاد، ومن المتوقع تقليص هذا العدد خلال الأشهر المقبلة.
النفوذ الإيراني والعقوبات الجديدة
رغم سعي بغداد إلى تنويع مصادرها، يبقى النفوذ الإيراني عميقاً في السياسة والاقتصاد العراقيين. وتواجه طهران عقوبات أوروبية جديدة أُعيد فرضها في أغسطس ضمن آلية «العودة التلقائية» الخاصة بالاتفاق النووي لعام 2015، ما قد يضغط على الاقتصاد العراقي مع احتمال محاولة إيران الالتفاف على العقوبات عبر المصارف العراقية.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد حظرت مطلع العام الجاري عدداً من المصارف العراقية من التعامل بالدولار بسبب شبهات غسل أموال.
وأكد السوداني أن حكومته بدأت إصلاحات ملموسة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، قائلاً:
«قمنا بإعادة هيكلة الهيئات الرقابية المسؤولة عن مكافحة الفساد، وأنشأنا آليات لتعزيز النزاهة الإجرائية».
وأشار إلى إصلاحات مالية ومصرفية جديدة «عززت حضور الشركات الاستثمارية»، مستشهداً بافتتاح مدينة الصناعات الدوائية بالتعاون مع شركات أميركية وبريطانية.
«هذا المناخ شجع الشركات على نقل خبراتها وتقنياتها لبناء صناعة دوائية وطنية يحتاجها العراق»، أضاف السوداني.
ورغم ذلك، لا يزال صندوق النقد الدولي يحذر من أن الفساد يشكل عقبة رئيسية أمام النمو الاقتصادي.
الاستقرار السياسي وتوظيف الشباب
يتجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع في 11 نوفمبر المقبل في انتخابات برلمانية هي السابعة منذ الغزو الأميركي عام 2003، وسط نسبة بطالة مرتفعة بين الشباب وتباطؤ في وتيرة الإصلاحات.
وقال السوداني إن الانتخابات المقبلة تمثل «مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد» ودليلاً على أن «المسار الديمقراطي ما زال قائماً».
ويشكّل الشباب دون سن الثلاثين نحو 60% من سكان العراق البالغ عددهم 46 مليون نسمة — وهي شريحة يُتوقع أن تحسم مستقبل العملية السياسية.
وأشار السوداني إلى أن معدل البطالة انخفض بأكثر من 2%، وأن الحكومة «تعمل على تمكين القطاع الخاص لاستيعاب الباحثين عن العمل»، عبر الاستثمار في القطاعات الرقمية والتكنولوجية.
«أنشأنا المركز الوطني للتحول الرقمي، ومركز الأمن السيبراني، واللجنة العليا للذكاء الاصطناعي لتصميم استراتيجية وطنية لتوظيف الشباب»، أوضح رئيس الوزراء.
وختم السوداني قائلاً إن المرحلة الحالية التي يعيشها العراق تتسم بـ«الاستقرار الواضح والإصلاحات الاقتصادية الملموسة وتزايد التفاؤل الشعبي بمستقبل أفضل».






