موسكو – (رياليست عربي): تعتبر التنمية “الخضراء” وسياسة المناخ، إحدى الأدوات لتحقيق الحياد الكربوني، ففي بداية سبتمبر 2023، جرت المشاورات الأولى بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والصين حول القضايا التعاون في إطار جدول أعمال المناخ، بما في ذلك قضايا كفاءة الطاقة، وشدد الطرفان على أهمية العمل على تحديد ودعم التقنيات الموفرة للطاقة.
في الآونة الأخيرة، تم ربط كفاءة استخدام الطاقة بشكل مباشر بانبعاثات الكربون والغاز الذي يُنظر إليه كأحد الأدوات لتحقيق الحياد الكربوني وكذلك الحفاظ على المناخ الطبيعي.
وبالنسبة للتقنيات الموفرة للطاقة، تتمتع الصين والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بإمكانات كبيرة لتحسين كفاءة الطاقة والحد من مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، على سبيل المثال، تعد الصين إحدى الدول الرائدة في تطوير قطاع الطاقة المتجددة.
ومن بين المتطلبات الأساسية لتطوير سوق التكنولوجيا الخضراء في الصين، تسليط الضوء على المناصب الرائدة في إنتاج المكونات الرئيسية في مجال مصادر الطاقة المتجددة، ووجود حصة كبيرة من المواد الخام الحيوية، مثل: النيكل، والليثيوم، والجرافيت، بالإضافة إلى دعم أكبر شركات الطاقة الصينية.
وهناك مجالات واعدة أخرى في إطار سياسات كفاءة الطاقة تطوير البناء الأخضر، التي تهدف إلى تقليل استهلاك الطاقة في المباني، بالإضافة إلى التشريعات المؤثرة.
كما طورت الصين العديد من المعايير، كونه المبدأ التوجيهي الفني لحل مسألة توفير الطاقة في المباني، كمعيار العزل الخارجي والمعيار الفني لتقييم أداء خصائص المباني.
أما بالنسبة للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فقد أصبحت التقنيات الذكية الموفرة للطاقة أداة جوهرية حيث طورت نظام التحكم الآلي من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى المكون الرقمي وأصبح نطاق التطبيق واسع جداً في الشبكات الكهربائية والمباني وأنظمة النقل والإنتاج وغير ذلك.
وخلافاً لخطط الطرفين المعلنة لزيادة مستوى كفاءة الطاقة، هناك عدد من العوامل المقيدة التي تعيق التحول السريع للطاقة:
- بالنسبة للصين: هناك صعوبة تحقيق التوازن بين خفض استهلاك الفحم الذي حصته في هيكل استهلاك موارد الطاقة الأولية تتجاوز 50%، وتوفير الطاقة لتأمين سكان البلاد، وهيمنة وأهمية الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في الاقتصاد الصيني (التعدين، إنتاج الأسمنت، البلاستيك، الصناعات الكيماوية)؛
- بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم بقدرة 50 غيغاوات؛
- الحاجة إلى استثمارات واسعة النطاق في تحول صناعة الطاقة في البلاد، والتي يمكن أن يتراوح حجمها، من 5 إلى 21 تريليون دولار؛
- استحالة الاستخدام الكامل للإمكانات الطبيعية، على سبيل المثال، التشجير، بسبب تعقيد العملية ومدتها وغير ذلك.
أما بالنسبة للاتحاد الاقتصادي الأوراسي:
- لا يوجد في دول الاتحاد تعريف واحد ومتفق عليه لمفهوم “الكربون”، والحياد الكربوني الذي تتشاركه دول الاتحاد تقوم بتحليل الوضع بدرجات متفاوتة واستخدام طرق مختلفة لحل مشاكل المناخ؛
- وهكذا، يركز الاتحاد الروسي وكازاخستان إلى حد كبير على التدابير المطبقة في قطاع الطاقة، وأرمينيا – الزراعة والبيئة؛
- بيلاروسيا تركز على البيئة وقيرغيزستان على التدابير العامة؛
- ومن بين التدابير المعلنة لجميع دول الاتحاد معاً تنمية قطاعات الطاقة المتجددة، وكهربة النقل، وتشييد المباني الموفرة للطاقة؛
- لم يتم تحقيق إمكانات قطاع الطاقة المتجددة بشكل كامل، وذلك بسبب عوامل مثل تحديد أساس قانوني محدود للمخاطر عند الاستثمار في الصناعة، ونقص الموارد البشرية المناسبة للتركيب، والقيود المفروضة على مصادر الاتصال لنظام الطاقة.
وحول الناقلات المتنوعة لتطوير الصناعة مصادر الطاقة المتجددة في الدول الأعضاء في الاتحاد: إن حجم القدرات المركبة المعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة يبلغ حوالي 71غيغاواط أو 2.5% من الإجمالي العالمي، وبنفس الوقت، تتميز المنطقة بفرص كبيرة في تنفيذ الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.
لكن وبنفس الوقت هناك خبرة ضعيفة في تطوير السوق الخضراء ودول الاتحاد متخلفة عن الدول الأخرى من حيث الحجم والتعقيد في مجال التمويل الأخضر.
هناك عامل آخر حيث تعاني دول الاتحاد من صعوبة الحفاظ على التوازن بين أمن الطاقة للدول وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة من الصناعة، حيث يبلغ حجمها في المتوسط 3%.
بالنسبة للحفاظ على المخاطر البيئية عند استخدام النقل الكهربائي: داخل الاتحاد الأوراسي يجري وضع إجراءات للانتقال إلى النقل الكهربائي، بما في ذلك الإعفاء من الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المستوردة لمواطني أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان حتى عام 2024، ولكن على الرغم من ملاءمتها البيئية، فإن استخدامها لا يمنع حدوث مشاكل في مجال تنظيم المناخ، حيث يتم الإنتاج على حساب الطاقة المولدة في محطات توليد الطاقة بالفحم، الخ.
ونستخلص من كل ما سبق، على الرغم من العوامل المقيدة المميزة لكل من الطرفين، التعاون بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والصين في مجال كفاءة استخدام الطاقة رغم الإمكانيات الكبيرة، يرجع إلى تقاطع المصالح في مجال تغير المناخ والتنظيم، وتوافر الموارد والخبرة المناسبة، فضلاً عن الإطار التشريعي الذي يهيئ الظروف اللازمة لتنفيذها.