بروكسل – (رياليست عربي): كانت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا من بين أكبر داعمي مشروعات النفط والغاز والبتروكيماويات في روسيا خلال السنوات العديدة الماضية عبر وكالات التمويل التجاري التي لا يعرفها معظم الناس، مما ساعد على إثراء وحماية روسيا قبل إطلاق عملياتها الخاصة.
منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 وحتى أواخر عام 2021، ضمنت وكالات ائتمان الصادرات الألمانية والإيطالية والفرنسية ما يقرب من 13 مليار دولار لتمويل المشاريع الروسية، وفقاً للبيانات الحصرية التي جمعها “مجلس الاتصالات الاستراتيجية العالمية” (Global Strategic Communications Council)، وهي شبكة عالمية غير ربحية يشكل قوامها خبراء المناخ.
كما أقرضت البنوك الحكومية في كل من ألمانيا وإيطاليا 425 مليون دولار أخرى لتمويل المشروعات الروسية.
ولا تخضع عمليات العديد من وكالات ائتمان الصادرات لكثير من التدقيق العام، إذ عادةً ما تقدم هذه الوكالات الضمانات الائتمانية والقروض وحلول التأمين للشركات المحلية التي تزاول أعمالاً تجارية في أخطر المناطق حول العالم. قال ماركوس ألفاريز، رئيس قطاع التأمين للمؤسسات المالية العالمية لدى وكالة “دي بي آر أس مورنينغستار” (DBRS Morningstar) للتصنيف الائتماني، إن الشركات الفرنسية والإيطالية والألمانية ربما كانت ستبقى خارج روسيا على مدى العقد الماضي من دون هذا الدعم، واصفاً مؤسسات التمويل التجاري بأنهم “وكلاء الملاذ الأخير”.
مخاطر مادية
يقول المحللون بحسب موقع “الشرق بلومبرج” إن وكالات ائتمان الصادرات غير مُلزمة بالكشف عن تفاصيل القروض والضمانات التي تمنحها على الدوام؛ لذا يصعب تقدير تعرضها الحالي للمطالبات المالية المتعلقة بروسيا على وجه التحديد. غير أن المدة النموذجية لتمويلات المشاريع تتراوح بين 10 إلى 15 سنة، مما يشير إلى أن مليارات الدولارات من الضمانات والقروض قد تكون مستحقة اليوم.
وفي يونيو، تخلفت روسيا عن سداد ديونها السيادية لأول مرة منذ قرن، كما تخلفت الشركات المقترضة عن السداد، ما يوصف على أنه عجز عن سداد ديون روسية تقدر بالمليارات من الناحية التقنية.
لم تقدم أي مطالبات بشأن وكالة ائتمان الصادرات الألمانية منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية في 24 فبراير، وفقاً لمتحدثة باسم وزارة الشؤون الاقتصادية والعمل المناخي الألمانية التي ردت على الأسئلة الموجهة إلى “أويلر هيرميس”. بينما امتنعت الشركات الأخرى عن التعليق على أي مطالبات مالية تتعلق بالمديونيات الروسية لديها.
قال ألفاريز إن هناك “تعرضاً للمخاطر المادية” بالنسبة لوكالات ائتمان الصادرات التي تقدم ضمانات دفع حال تخلف الشركات الروسية عن السداد، لكن “في ظل التمويل الكامل والدعم من حكومات بلدانهم، فإنه يحتمل إنقاذهم- وهذا يعني تغطية تمويلاتهم من أموال دافعي الضرائب”.
صرح متحدث باسم “وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية” بأن تعرضها للمخاطر المادية “مراقب عن كثب وبعناية”. لكن الوكالة الإيطالية رفضت مشاركة الأرقام الحالية، شأنها في ذلك شأن “أويلر هيرميس” و”شركة ضمان الصادرات الفرنسية” وبنك “كاسا ديبوست اي بريستيتي”. قالت متحدثة باسم “بنك الائتمان لإعادة الإعمار” الألماني إن قرض البنك البالغ 42 مليون دولار لعملاقة الشحن الروسية “سوفكومفلوت” (Sovcomflot) سُدد في مايو 2022 “امتثالاً لجميع العقوبات السارية”.
التصدير لآسيا
بدعم مالي أوروبي، ساعد ما لا يقل عن مشروعين روسيا على تطوير مسارات تصدير الغاز إلى آسيا، والتي اكتسبت بدورها أهمية بالغة لكفالة القدرة الروسية على تخفيف آثار العقوبات الغربية.
في عام 2021، ضمنت شركة “أويلر هيرميس” نيابة عن ألمانيا و”وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية” 25% من تمويل الديون البالغ 9 مليارات دولار لـ”مجمع آمور غاز للكيماويات” (Amur Gas Chemical Complex)، وهو مصنع للبتروكيماويات في شرق روسيا. يحتل المجمع موقعاً استراتيجياً لخدمة المشترين في الصين، فضلاً عن كونه مملوكاً جزئياً لشركة “سينوبك” (Sinopec) الصينية.
وافقت “وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية” في نفس العام على ضمان ما يزيد عن 560 مليون دولار من القروض التي منحها بنكا “كاسا ديبوست اي بريستيتي” و” انتيسا سان باولو” الإيطاليين لـ “أركتيك إل إن جي 2” (Arctic LNG 2)، وهي منشأة تنقيب عن الغاز في المنطقة الروسية من المحيط المتجمد الشمالي.
ومن المقرر أن تبدأ منشأة “أركتيك إل إن جي 2” المثيرة للجدل إنتاجها في عام 2023، وبمجرد تشغيلها، ستتمكن روسيا من تصدير ما يقرب من 20 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى الأسواق الآسيوية بشكل أساسي.
أفادت “رويترز” أن القروض المصرفية عُلقت اعتباراً من مارس، لكن الاتفاقات لم تُلغ. رفضت “وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية” وبنك “كاسا ديبوست اي بريستيتي” الإدلاء بأي تعليقات لـ”بلومبرغ” على الأمر.