موسكو – (رياليست عربي): تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطرد القوات الأوكرانية التي ما زالت تتحرك على الحدود (الروسية الأوكرانية) بدعم سياسي غربي، وذلك لمنح كييف يداً أقوى في محادثات وقف إطلاق النار المحتملة في المستقبل، وهو الأمر الذي دفع بوزارة الدفاع الروسية، وهيئة الأركان العامة الروسية حالياً، لوضع خطة عسكرية جديدة سيبدأ الجانب الروسي بتنفيذها اعتباراً من بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى، نظراً لأن الكرملين مصمم على طرد قوات نظام كييف التي توغلت قرب مقاطعة كورسك.
- وفي هذا السياق، ونظراً لعلم الجانب الأوكراني بهذا الأمر، ورغبته في تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم العسكري على الأرض، أعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية صباح الخميس 15 أغسطس 2024 أن قواتها قصف أربعة مطارات عسكرية روسية خلال الليلة الماضية في مناطق فورونيج وكورسك ونيجني نوفغورود الروسية، حيث استهدفت القوات الأوكرانية مخازن وقود وأسلحة جوية، وهو الأمر الذي دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي ليصف الهجوم بأنه (مناسب ودقيق).
- وقد أعلن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية (ألكسندر سيرسكي)، إن مدينة (سودجا) الروسية، وهي مركز شحن الغاز الطبيعي الروسي المسال إلى أوروبا عبر أوكرانيا، أصبحت تحت السيطرة الأوكرانية بالكامل، حيث كان الغاز الطبيعي لا يزال يتدفق يوم الأربعاء 14 أغسطس 2024 عندما وصلت إليها القوات الأوكرانية (على حد تصريحه).
- من الجانب الروسي: أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن موسكو أسقطت 117 طائرة بدون طيار أوكرانية الصنع بالإضافة إلى أربعة صواريخ، ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقاطع فيديو تظهر قيام قاذفات روسية من طراز (سو-34) بضرب مواقع أوكرانية في منطقة كورسك، وأضافت أن قواتها صدت سلسلة من الهجمات الأوكرانية داخل كورسك، بما في ذلك في (روسكوي بوريتشنوي) على بعد 18 كيلو متراً من الحدود.
- كما أعلنت قوات الحرس الوطني الروسية إنها عززت إجراءات الأمن في محطة (كورسك) للطاقة النووية، على بعد 35 كيلو متراً فقط من مكان القتال، فيما أعلن حاكم منطقة بيلغورود الحدودية الروسية (فياتشيسلاف جلادكوف) حالة الطوارئ، حيث أجلت روسيا الإتحادية نحو 200 ألف شخص حتى الآن من المنطقة الحدودية، وأكد القائم بأعمال حاكم منطقة كورسك في وقت متأخر من مساء يوم أمس الأربعاء 14 أغسطس 2024، أن هناك أوامر صدرت لسكان منطقة (غلوشكوفو) الحدودية الروسية من أجل القيام بعمليات الإخلاء.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، أن التوغل العسكري الأوكراني الحالي غير المسبوق، بات يحمل مخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا الإتحادية وأوكرانيا والدول الغربية، والتي تحرص أشد الحرص على تجنب المواجهة المباشرة بين روسيا الإتحادية وحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بتسليح أوكرانيا، خاصةً بعد إعلان الرئيس جو بايدن أن المسؤولين الأمريكيين هم على اتصال دائم مع كييف بشأن التوغل الأوكراني، على الرغم من أن البيت الأبيض أعلن رسمياً، بأن واشنطن لم تتلق إشعاراً مسبقاً من قبل كييف بشأن التوغل الأوكراني.
- ويؤكد الخبير العسكري والأمني الأوكراني (يوري بودولياكا)، المؤيد لروسيا الإتحادية، أن وضع المنطقة الحدودية (الروسية – الأوكرانية) لا يزال صعباً بشأن القيام بعملية عسكرية روسية مضادة من شأنها أن توقف التوغل الأوكراني على الرغم من أن القوات الروسية تقوم حالياً بهجمات جوية مكثفة على أوكرانيا من خلال إطلاق ضربات من المناطق الحدودية المجاورة بما في ذلك من كورسك نفسها.
- فيما يرى خبير عسكري أوكراني آخر من الموالين لنظام كييف هو (إيغور كليمنكو)، والذي يشغل منصب وزير الداخلية أن القوات الأوكرانية تهدف إلى إنشاء “المنطقة العازلة” من أجل حماية القرى الحدودية التابعة للجانب الأوكراني، لكن المشكلة أن الدفاعات الجوية الأوكرانية مقيدة بسبب الحاجة لاحترام تحفظات الدول الغربية بشأن استخدام أسلحتها ضد المناطق الداخلية الروسية بدلاً من استخدامها ضد القوات الروسية في أوكرانيا.
- ولهذا السبب يحاول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرة أخرى إقناع الحلفاء الغربيين من أجل السماح لكييف بتوجيه ضربات صاروخية بعيدة المدى ضدَّ روسيا الإتحادية. ويحاول كذلك أن يحصل على كميات أكثر من الأسلحة الموعود بها حالياً، ضمن حزمة الدعم الغربية التالية من السلاح المقدمة لأوكرانيا، وذلك بسبب اشتداد الصدام والمعارك القتالية في منطقتي (لوهانسك و دونيتسك).
- أما الخبيرة السياسية الروسية، النائبة (ماريا بوتينا)، فترى أن المسؤولين الروس الأمنيين و العسكريين في مجلس الأمن القومي الروسي، باتوا متيقنين بأن الداعمين الغربيين لأوكرانيا، كانوا على علم بالهجوم الأوكراني الأخير، ولذلك فإن موسكو تعتبرهم متورطين إلى جانب نظام كييف في هذا التوغل الأوكراني داخل الأراضي الروسية، والذي أودى بحياة العديد من المدنيين الروس.
- ويتفق الخبراء من الروس والأوكرانيين في نقطة واحدة مفادها أن التوغل الأوكراني الأخير داخل الحدود (الروسية – الأوكرانية) سيؤدي إلى زيادة تعرض القوات الأوكرانية للضربات الجوية الروسية المكثفة، سواءً في مقاطعة (كورسك) أو في أجزاء أخرى من الجبهة مثل حدود جمهوريات (لوهانسك و دونيتسك) في دونباس، وهي المساحات والأراضي التي تقدر تقريباً بما يقارب 17 بالمئة من مساحة أوكرانيا، حيث يمكن للقتال بأن يتوسع بين الجانبين خلال فترة الشهرين المقبلين ليشمل مساحات أكبر.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.