موسكو – (رياليست عربي): بعد أن أوعز الرئيس البيلاروسي (ألكسندر لوكاشينكو) بنقل بعض المعدات العسكرية البيلاروسية إلى القوات المسلحة الروسية الحليفة لبلاده، وذلك لتعزيز مواقعها في منطقة (كورسك)، ودعمها في قطاعات أخرى من خط المواجهة الحالي، وذلك في سياق ردة فعل جمهورية بيلاروس على التطورات العسكرية التي شهدتها مناطق الحدود (الروسية – الأوكرانية) طيلة فترة الأسبوع الماضي، بسب قيام القوات الأوكرانية باستهداف العديد من المناطق الحدودية جنوب غربي روسيا المجاورة لجمهورية بيلاروس مباشرةً، مما بات ينذر بتوسع القتال ليشمل حدود جمهورية بيلاروس نفسها:
- أكد الرئيس البيلاروسي (ألكسندر لوكاشينكو) مساء الخميس 15 أغسطس 2024 أن حليفته (روسيا) لن تتأخر في إرسال قواتها إلى جمهورية بيلاروس للدفاع عنها إن تعرضت الأخيرة لأي عدوان أوكراني أو بولندي أو من أي بلدٍ آخر، مضيفاً بأنه إن تعرضت بلاده للعدوان، فإن القوات البيلاروسية من جانبها، ستصد أول ضربة عسكرية ثم ستدعمها روسيا، لأن أي حرب قد تواجهها مينسك ستكون حرباً مشتركة للبلدين الحليفين ضمن دولة الإتحادية.
- وحذر الرئيس البيلاروسي لوكاشيكو من أن ردةَّ فعل بلاده على أي عدوان عسكري أو أمني خارجي سيكون (فورياً و مناسباً)، ولذلك السبب أوعز لوكاشينكو مؤخراً بتعزيز خطوط القوات المسلحة للقوات البيلاروسية على الحدود مع أوكرانيا، على خلفية عدوان قوات كييف على مقاطعة كورسك الروسية، وهو العدوان الذي يمكن أن يتسبب بانفجار الوضع الأمني والعسكري في المنطقة والإقليم، وليس فقط بين قوات الجانبين الروسي والأوكراني (على حدِّ تقدير الرئيس البيلاروسي).
- وعلى الصعيد العسكري البيلاروسي أيضاً: أفاد وزير دفاع جمهورية بيلاروس (فيكتور خرينين) بأن الرئيس البيلاروسي (ألكسندر لوكاشينكو) أوعز بالفعل إلأى تعزيز مجموعة القوات المسلحة في الإتجاهين التكتيكيين (غوميل و موزير) في الجنوب قرب الحدود مع أوكرانيا.
- ونقلت وكالة الأنباء البيلاروسية (بيلتا، أن القائد العام للجيش والقوات المسلحة البيلاروسية أي الرئيس (ألكسندر لوكاشينكو) قد أوعز بتعزيز مجموعات القوات في ذلك الإتجاهين التكتيكيين، حيث تمَّ نشر وحدات عسكرية من قوات العمليات الخاصة والقوات البرية والقوات الصاروخية في ذلك الجزء من جمهورية بيلاروس، بما في ذلك أنظمة الصواريخ الروسية المتطورة من طراز (بولونيز) ومجمعات (إسكندر) الصاروخية الروسية الإستراتيجية، مما فاجئ الجانب الأوكراني كثيراً.
- فيما أعلن مسؤول عسكري بيلاروسي آخر هو (فاليري ريفينكو)، رئيس قسم التعاون العسكري الدولي في وزارة الدفاع البيلاروسية، أن انتهاك الطائرات بدون طيار الأوكرانية للمجال الجوي البيلاروسي يمكن اعتباره بمثابة محاولة من قبل كييف لجر مينسك إلى الصراع الحالي (الروسي – الأوكراني).
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، أن التوغل العسكري الأوكراني الحالي غير المسبوق، بات يحمل مخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا والدول الغربية، وبات أيضاً يتسبب بتأزم الأوضاع على حدود جمهورية بيلاروس ضدَّ بولندا ودول البلطيق الثلاثة الحليفة لأوكرانيا وهي (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) حيث رفعت لجنة حدود الدولة البيلاروسية تقريراً إلى قادة مينسك عن الحشد المستمر لقوات حلف (الناتو) العسكرية في بولندا ودول البلطيق.
- ويعتبر الخبير العسكري والأمني والسياسي، الجنرال البيلاروسي (ألكسندر تيخانسكي)، وهو كبير الباحثين في معهد الفلسفة العسكرية والأمنية التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في جمهورية (بيلاروس) أنه سيكون من المفيد جداً لأوكرانيا أن تجعل جمهورية بيلاروس طرفاً في الصراع العسكري الحالي، لأنه من الواضح للدول الغربية أن الجيش البيلاروسي حالياً، لن يتمكن من التعامل بمفرده مع المجموعات العسكرية الأوكرانية التي تقع بالقرب من الحدود (البيلاروسية – الأوكرانية)، والتي يمكن لها أن تبدأ هجومها العسكري ضدَّ القوات البيلاروسية في أي لحظة كما حصل في مقاطعة (كورسك) الروسية.
- ويؤكد الخبير البيلاروسي (ألكسندر تيخانسكي) أن المعلومات الأمنية التي تزودت بها أجهزة المخابرات العسكرية البيلاروسية من حليفتها الروسية، تؤكد أن عدد المجموعة الشمالية من القوات الأوكرانية وحدها يتراوح بين (110 و120) ألف مقاتل، بينما يبلغ عدد أفراد الجيش البيلاروسي بأكمله اليوم (50 ألف عسكري تقريباً) في مختلف القطاعات العسكرية، وهنا يتعين على مجموعة وحدات وقوات دولة الإتحاد أي (روسيا وجمهورية بيلاروس) أن تتصرف معاً بالتنسيق بين هيئات الأركان في البلدين، مما سيفرض على الكرملين الروسي في موسكو تشكيل قوات عسكرية روسية لحماية الحدود البيلاروسية، وهو الأمر الذي سيصبح أكثر أهمية بالنسبة لهيئات الأركان العامة في مينسك وموسكو.
- ويُرجع الخبير العسكري والأمني والسياسي البيلاروسي، الجنرال (ألكسندر تيخانسكي)، هذه الأهمية السياسية والعسكرية للوضع الحالي على الحدود (البيلاروسية الأوكرانية) لأسباب جغرافية ولأسباب أخرى لوجيستية في أرض المعركة نفسها بين القوات المتحاربة، وذلك لأن طول الحدود بين جمهورية بيلاروس وأوكرانيا هو 1054 كلم، بينما يبلغ طول خط التماس القتالي في منطقة العملية العسكرية الخاصة الروسية، تبعاً للوضع السائد والإختراقات الحالية في مقاطعة (كورسك) الروسية وما حولها حوالي 1200 إلى 1300 كيلو متر.
- وهنا يؤكد الخبير تيخانسكي، أنه وفي حال انجرَّت جمهورية بيلاروس إلى الصراع (الروسي الأوكراني) فإن الجبهة المشتعلة بين الجانبين ستتضاعف، وهو الأمر الذي يخطط له نظام كييف حالياً، لأن هذا الأمر سيتيح الفرصة للقوات الأوكرانية من أجل القيام بعملية تشتيت تكتيكية للقوات الروسية وإضعاف الوسائل التقنية التي تستعملها وحدات الجيش الروسي في الهجوم، وهو بالضبط ما يقوم به حالياً رئيس نظام كييف (فولوديمير زيلنسكي)، ولأجل هذا بدأ مقامرته العسكرية الأخيرة في مقاطعة (كورسك) وما حولها.
- ويختم الخبير البيلاروسي الجنرال (ألكسندر تيخانسكي) تحليله قائلاً: لتحقيق هذه الخطة الأوكرانية الخبيثة، يجب على نظام كييف أن يشعل المنطقة المحيطة بالأراضي الروسية، ولتحقيق هذا الهدف سيحاول نظام كييف إشعال الحرب على الحدود (البيلاروسية – الأوكرانية) بأي شكل من الأشكال حيث سيحاول قادة نظام كييف العسكريين إجبار الجارة بولندا مثلاً هي الأخرى على دعم أوكرانيا، وذلك بتوجيه القوات الجوية أو البرية البولندية ضربة عسكرية إلى جمهورية بيلاروس، أو على الأقل مساعدة القادة العسكريين البولنديين في وارسو لجيرانهم الأوكرانيين في كييف بتوجيه هذه الضربة، خاصةً، وأن بولندا هي بلد عضو في حلف (الناتو) ولديها عداء كبير وتاريخي ضدَّ روسيا.
- ولكن الأوكرانيين، وأتباع نظام (فولوديمير زيلنسكي) من النازيين، (كما يضيف الخبير البيلاروسي) يتناسون أنه بمجرد دخول القوات البولندية إلى الأراضي الأوكرانية، أي عندما تنهار خطوط الدفاع العسكرية الأولى في منطقة (لفوف) الأوكرانية قرب الحدود البولندية، فإن البولنديون سيضعون نصب أعينهم على أراضي أوكرانيا المحاذية لبولندا، تلك الأراضي التي يعدها بعض الساسة البولنديين المتطرفين في وارسو من اليمين البولندي، بأنها أراضي بولندية يجب أن تعود إلى طاعة حكومة وارسو، وهذا ليس منذ فترة قريبة، وإنما منذ فترة طويلة، مما سيجعل نظام كييف في موقفٍ لا يحسد عليه، لأن الوضع السياسي والأمني والعسكري الأوكراني الذي سيضع نظام كييف نفسه فيه قريباً، حيث سيكون تماماً (كمن حفر حفرة لجاره القريب ومن ثمَّ وقع فيها بسبب حقده وكرهه على بقية الجيران).
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.