موسكو – (رياليست عربي): بعد تقدم القوات العسكرية الروسية ضمن أربعة محاور هناك وتصعيد نظام كييف بضربه مدينة (بيلغورود) بصواريخ تمَّ تسليمها للقوات الأوكرانية من قبل دول حلف الناتو وموقف وزارة الخارجية الروسية من تزامن هذه التطورات العسكرية مع انعقاد مؤتمر أوكرانيا في سويسرا يومي 15 و16 مايو وموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً من ضرب مدن الحدود الروسية مثل (بيلغورود) حيث أوعز الرئيس بوتين بضرورة توسيع نطاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لإبعاد قوات كييف عن المناطق الروسية المأهولة بالسكان بما فيها المناطق الأربعة الجديدة التي حررتها موسكو
وعلى ضوء التطورات العسكرية المتسارعة التي شهدتها كلاً من مدينة (بيلغورود) في روسيا، ومدينة (خاركوف) على الحدود (الروسية – الأوكرانية)، حيث تشهد تلك المنطقتين تطورات عسكرية متسارعة للغاية، خاصةً بعد أن شهدت منطقة (سيمينوفكا) المحررة مؤخراً في جمهورية دونيتسك، أدلة واضحة على استخدام قوات كييف سلاحاً كيميائياً ضد سكان المنطقة الذين شعروا بأعراض الإصابة بغاز سام مشلّ للأعصاب، وتطورات الأوضاع العسكرية في إقليم (خاركوف) الذي قامت القوات الروسية بالتقدم فيه والقضاء على 1500 عسكري أوكراني خلال يومين فقط.
سيعرض هذا التقرير موقف الخبراء العسكريين من هذه التطورات الأمنية والعسكرية المتلاحقة وموقف وزارة الخارجية الروسية من التصعيد العسكري الحاصل بين الجانبين الروسي والأوكراني، وأسبابه الحالية، التي أتت مباشرةً بعد بدء الولاية الخامسة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبالتزامن مع تشكيل الحكومة الروسية الجديدة.
• أكد القائم بأعمال وزارة الخارجية الروسي (سيرغي لافروف)، استعداد روسيا لنزال الغرب في ساحة المعركة إن قرر حل أزمة أوكرانيا بالقوة العسكرية.
• وأضاف الوزير لافروف في كلمته أمام مجلس الإتحاد الروسي (مجلس الشيوخ) صباح اليوم خلال بحث إعادة تكليفه من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحقيبة وزارة الخارجية الروسية، أن بعض الدول الغربية ومعها دول (الناتو) تحاول النزول إلى أرض المعركة إن لم تكن قد نزلتها فعلاً.
• وأشار الوزير إلى أن بلداً مثل سويسرا كمثال، كانت دولة محايدة حقاً، لكنها الآن انحازت بالكامل إلى جانب أوكرانيا، حيث لفت لافروف النظر إلى أن موسكو صرحت مراراً، وأعربت عن استعدادها للمفاوضات لكن (مع مراعاة الاعتراف بالواقع الجديد) على الأرض.
• ولهذا السبب شدد (سيرغي لافروف) على أن ما يسمى بالمؤتمر حول أوكرانيا في سويسرا، سيهدف إلى صياغة إنذار نهائي لروسيا، حيث سيركز المؤتمر على صيغة (فولوديمير زيلينسكي) وسيتجاهل المبادرات الأخرى، بما فيها مبادرة جمهورية الصين الشعبية لحل الأزمة الأوكرانية.
• وأتت هذه التصريحات للسيد (سيرغي لافروف) بالتزامن مع التصعيد العسكري بين الجانبين، خاصةً بعد وجود معلومات موثقة، تؤكد استخدام القوات الأوكرانية للأسلحة الكيميائية، وهو الأمر الذي تحدث عنه خبير العلوم الكيميائية الروسي (ليونيد رينك)، حيث أوضح الأخير أن الأعراض التي اشتكى منها سكان منطقة (سيمينوفكا) في دونيتسك تؤكد استخدام قوات كييف ذخيرة تحتوي على مادة قد تكون حمض الهيدروسيانيك المشل للأعصاب.
• وأكدت وزارة الدفاع الروسية بعد تحرير (سيمينوفكا) في جمهورية دونيتسك، أن أهالي المنطقة الذين لم يتمكنوا من النزوح تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي واستخدموا دروعاً بشرية بتهمة “انتظارهم قدوم الروس”.
• وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية تحرير 4 بلدات بمقاطعة خاركوف شرق أوكرانيا، والقضاء على 1500 عسكري وتدمير عشرات الدبابات بينها “أبرامز” أمريكية وإسقاط عشرات الصواريخ في 24 ساعة. وتزامنت هذه التطورات العسكرية المتسارعة أيضاً مع قيام القوات العسكرية الروسية (قوات الشمال الروسية) بتحرير مدن (غاتيشي) و (كراسنويه) و(موروخوفيتس) و (أولينيكوفو) في مقاطعة (خاركوف) حيث بلغت خسائر القوات الأوكرانية أكثر من 1500 عسكري أوكراني.
• هذه التطورات العسكرية المتسارعة على خطوط الجبهة (الروسية – الأوكرانية) المشتعلة، كانت قد دفعت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، لتعترف رسمياً بأن الوضع العملياتي على محور (خاركوف) الإستراتيجي بات صعباً للغاية، حيث اعترف نظام كييف بأن القوات الروسية قد حققت نجاحاً تكتيكياً على محور خاركوف، وهو الأمر الذي لربما يؤدي إلى سقوط المدنية كاملةً في يد القوات الروسية خلال أسبوعين كحد أقصى في حال بقيت الأمور على هذا الشكل.
• لهذا السبب وصف رئيس أوكرانيا (فولوديمير زيلينسكي) وضع قوات كييف في ساحات القتال في (خاركوف) وخاصة في (فولشانسك) بأنه صعب للغاية، وأشار (فولوديمير زيلنسكي) شخصياً إلى أن الوضع صعباً بنفس القدر بالنسبة للجيش الأوكراني على 5 محاور أخرى، وليس فقط على محور مدينة (خاركوف) وهو الأمر الذي يتطلب مزيداً من القتال مما سيدفع بقانون التعبئة الأوكراني للخروج إلى العلن، حيث سيدخل حيز التنفيذ في القريب العاجل.
• ونظراً لهذا التقدم العسكري الروسي في مناطق (خاركوف)، فقد حاول نظام كييف تشتيت انتباه القوات العسكرية الروسية، فقام بقصف مدينة (بيلغوراد) الروسية جنوب غربي روسيا الإتحادية أمس الأحد 12 مايو 2024، مما أسفر عن مقتل 19 شخصاً، وإصابة 27 آخرين بجروح بالغة، وهو الأمر الذي أكده (فياتشيسلاف غلادكوف) حاكم مقاطعة بيلغورود شخصياً.
• وقد استهدفت القوات الأوكرانية أمس الأحد مدينة (بيلغورود) بالصواريخ ما أدى لانهيار مبنى سكني من عشرة طوابق، ومقتل وإصابة عشرات المدنيين، حيث جدد نظام كييف قصفه للمدينة مساء أمس بأكثر من 12 صاروخ من طراز (أولخا) و12 مسيرة أوكرانية، حيث تصدت الدفاعات الروسية لمعظمها، نظراً لمواصلة قوات كييف استهداف المناطق الحدودية في المناطق السكنية جنوب غربي روسيا الإتحادية بالمسيرات والصواريخ بشكل شبه يومي، حيث أسقطت الدفاعات الروسية الليلة الماضية (ليلة يوم الأحد 12 مايو إلى يوم الإثنين 13 مايو) أكثر من 16 صاروخاً وأكثر من 31 مسيرة أوكرانية أطلقتها قوات كييف على مقاطعات جنوب غربي روسيا الإتحادية ومنطقة شبه جزيرة القرم.
• ولهذا السبب: أعلن الرئيس فلاديمير بوتين ضرورة توسيع نطاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لإبعاد قوات كييف عن المناطق الروسية بما فيها المناطق الأربعة الجديدة وهي مناطق (جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وكذلك مقاطعتي زابوروجيه وخيرسون) ، وذلك لكي تصبح هذه المناطق الروسية بعيدة عن مدى الصواريخ الأوكرانية التي ما زال نظام كييف يحاول ضرب مدن روسيا الإتحادية بها، وهو الأمر الذي اعتبره العديد من الخبراء العسكريين الروس والغربيين إيعازاً رئاسياً بتوسيع رقعة المعارك وزيادة في عدد العمليات العسكرية المستمرة بين الجانبين.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الروسية و العالمية:
• يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مثل السيد (فياتشيسلاف غلادكوف) وهو حاكم مقاطعة (بيلغورود ) الروسية، أن الهجوم الإرهابي الوحشي (على حد وصفه)، والذي شنه نظام كييف على المناطق المسالمة في إقليم (بيلغورود)، وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين من المواطنين الروس، قد تم تنفيذه باستخدام الأسلحة الصاروخية الجديدة التي قدمتها دول حلف (الناتو).
• فيما أكد خبير روسي آخر، هو الخبير في أكاديمية العلوم العسكرية الروسية (ألكسندر بارتوش)، أن الدول الغربية لم تفهم الرسالة الروسية بشكل جيد، أي عندما أعطيت الأوامر للقوات المسلحة الروسية لتجري مناوراتٍ باستخدام الأسلحة النووية غير الإستراتيجية، حيث كانت تلك المناورات (تحذيراً لخصوم روسيا الجيوسياسيين)، لكن الجانب الغربي أساء فهم هذه الرسائل الروسية، وتابع تصعيده كما حصل بضربه لمدينة (بيلغورود) الروسية.
• فيما يرى خبير روسي ثالث، هو (فلاديمير روغوف)، وهو الرئيس المشارك لمجلس تنسيق تكامل المناطق الروسية الجديدة أن هذا التصعيد الغربي المتزايد، والمتمثل بقيام نظام كييف بضرب مناطق المدنيين في روسيا، هو رداً على الانتصارات العسكرية الروسية المتسارعة، والتي تقوم بها القوات الروسية، حيث نجحت موسكو مؤخراً، واستولت على معقل آخر مهم للقوات الأوكرانية على الطريق السريع لمنطقة (زابوروجيه).
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.