طرابلس – (رياليست عربي): لا تزال أعداد المرتزقة الذين تجلبهم تركيا والمتواجدين في ليبيا، أكثر أضعاف المرات، ممن غادروها، ورغم كل النداءات المحلية والدولية، والاتفاقيات التي عقدت بشأن انسحاب كل القوات والعناصر الأجنبية من ليبيا.
ويرى مراقبون في الشأن الليبي، بأن الجمود الذي أصاب عملية خروج المرتزقة، وترك هذه العناصر تتدبر وضعها في ليبيا، ووقوع عناصرها للخداع بشأن المقابل المادي، جعل الكثير منهم يلجؤون إلى تزوير تقارير طبية، بهدف العودة إلى بلادهم، بينما اتبعت مجموعات أخرى أسلوب التحالف مع عصابات إجرامية محلية، لتغطية نفقات تواجدهم في ليبيا، خصوصاً بعد الهدنة التي أوقفت العمليات العسكرية.
وأشارت مصادر في العاصمة الليبية طرابلس، بأن عناصر المليشيات من الذين جلبتهم تركيا من عدة دول للقتال في ليبيا، يلجؤون إلى تزوير تقارير طبية بهدف الخروج من ليبيا، مضيفاً بأنهم وقعوا تحت سيطرة واستغلال قياداتهم المباشرة، التي تستقطع جزء من مخصصاتهم المالية، وكذلك قيادات المليشيات المحلية، التي صارت تنظر لهم، بعد التأكيدات المحلية والدولية حول عدم العودة للنزاع المسلح من جديد، وصارت المليشيات المحلية سواء في العاصمة طرابلس أو في مدينة مصراته والزاوية تنظر لهم كونهم عبء عليها، وأنها هي الأحق بما يتحصلون عليه من أموال.
ووفق هذه المصادر، التي خصّت فيها وكالة “رياليست”، فإن لجوء المرتزقة إلى تلك التقارير الطبية المزورة، يؤكد عدم جدية عملية إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا كما هو متفق عليه في حوارات الليبيين السابقة والتي رعتها عدة دول بالإضافة إلى الأمم المتحدة.
وتستبعد المصادر بأن يكون هناك نية واضحة من قبل المجتمع الدولي، وكذلك تركيا لإعادة المرتزقة من حيث تم جلبهم، لأن هناك معلومات مؤكدة تفيد بأن أحد الفصائل المسلحة التابعة لتركيا وهو فصيل “السلطان سليمان شاه” جهّز دفعة جديدة من المقاتلين يتم تدريبهم حالياً لإرسالهم إلى ليبيا.
وتشير المصادر إلى أن وضع المسلحين الأجانب في غرب ليبيا، يزداد صعوبة، وتزداد مشاكلهم اليومية في غرب ليبيا، خصوصاً فيما يتعلق بالأمور المالية، خصوصاً أن رواتبهم تطالها استقطاعات عديدة قبل وصولها لهم، فقياداتهم المباشرة تفرض عليهم مبالغ يدفعونها، وكذلك بعض العناصر الليبية ذات العلاقة بهم، تفرض هي الأخرى إتاوات على المقابل المادي حتى يمكنهم الحصول على جزء من رواتبهم.
وأوضحت عدة منظمات سورية منها “المركز السوري للعدالة والمسائلة” وكذلك “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أوضحت في تقرير مشترك لهما عن تعرض المقاتلين السوريين في ليبيا إلى عمليات ابتزاز، وفرض قيم مالية على رواتبهم، من قبل كبار الشخصيات والقادة بـ”الجيش السوري الحر” المتواجدين في تركيا.
ويبدو أن عملية تنفيذ القرارات الصادرة بحق خروج المرتزقة من ليبيا لضمان استمرار العملية السياسية، ليست جادة بالشكل الكافي، خصوصاً من قبل القوى الكُبرى المتعاملة مع الأزمة الليبية، وكذلك البعثة الأممية في ليبيا، بالرغم من توافق الليبيين على سلطة جديدة واحدة.
وشهدت عمليات عودة المرتزقة عدة توقفات، منها الفترة منذ 25 مارس/آذار الماضي، وهو اليوم الذي شهد مغادرة آخر رحلة جوية من ليبيا تحمل بعض العناصر المسلحة، كما أن هناك فترة توقف سابقة، امتدت من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حتى مارس/آذار 2021.
وتشير المعلومات المتوفرة عن أعداد المرتزقة المتواجدين في غرب ليبيا سواء من الجنسية السورية أو جنسيات أخرى، يقدر عددهم بنحو 20 ألف عنصر، ويعاني أغلبهم من عدم سداد مستحقاتهم المالية، مما يضطرهم للتعامل مع بعض العصابات الاجرامية المحلية للحصول على مبالغ مالية، لتغطية مصاريفهم اليومية.
تجدر الإشارة إلى أن اتفاق “ليبي ــ أمريكي” ، عقد منتصف مايو/أيار 2021، لبسط السيادة على كامل الأراضي الليبية، وخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وقعه في طرابلس كل من “جوي هود” مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ووزيرة الخارجية الليبية في الحكومة المؤقتة “نجلاء المنقوش”.