موسكو – (رياليست عربي): معركة شرق الفرات، يعود بين الحين والآخر الحديث عنها، تقدم عليها أميركا خطوة وتتراجع خطوات خشية تمددها في الإقليم، لكنها -أي واشنطن- باتت تراها ضرورة حيوية لتحقيق مكاسب جيوسياسية تعيد لها هيبتها المفقودة دولياً.
من جهة تحتاج أميركا إلى كسر روسيا في أوكرانيا لفكّ التحالف الصيني الروسي، وأيضا ترمي لهزيمة إيران والتي تعد ضلع المثلث الأساسي مع الصين وروسيا، تساهم بشكل كبير في حرج الولايات المتحدة، كقوة فاعلة في غرب آسيا بدأت في تصفير خلافاتها مع دول الجوار الخليجي الأمر الذي يعني زيادة نفوذها، كذلك تريد واشنطن بمعركة شرق الفرات قطع الطريق البري مع العراق، وما يعني ذلك من محاصرة إيران وإسقاط سوريا بخنقها اقتصادياً وعسكرياً.
من الجهة المقابلة روسيا تحللت من وهم الشراكة مع الغرب بعد معارك أوكرانيا، التى أسقطت الأقنعة من فوق وجوه الأصدقاء المزيفين، وأصبحت موسكو في حلٍ أيضاً من التفاهمات السابقة مع أميركا المتعلقة بإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية فى في سوريا لمنع الصدام العسكري بينهما، بعدما أصدرت الدولتان قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على الحكم الانتقالي.
ويقول السياسي العراقي، الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية والنقل، بيان جبر الزبيدي: إن هناك حسابات جديدة أضيفت على أهم معركة في المنطقة والعالم والتي يتم التحشيد لها منذ سنوات وهي معركة شرق الفرات.
هناك تحركات أميركية مكثفة انطلقت من قاعدة التنف عبر مناورات مشتركة مع قوات (قسد) الكردية، وتدريبات بالأسلحة الحية جرت مع ما يسمى «جيش سوريا الحرة» وأسلحة ثقيلة قدمت لقسد، منها منظومة صواريخ (هيمارس) وعربات (برادلي) القتالية، بالإضافة إلى توسيع قاعدة عين الأسد في العراق وإنشاء مدرج طائرات أطول.
كما دفعت أميركا بـ 1700 عربة مدرعة من شمال العراق باتجاه منطقة القرى السبع في شرقي الفرات بسوريا، بالمقابل هناك حشود عسكرية سورية كبيرة مرفقة بالطيران السوري والروسي.
التحركات في مجملها من وجهة نظر السياسي العراق، هي مقدمات معركة شرق الفرات، التي تحاول واشنطن فتحها مع موسكو لتخفف الضغط عن الجبهة الأوكرانية، وضرب مبادرة الحزام والطريق الصينية التي ستكون في مرمى النيران.
روسيا عززت من نفوذ حلفائنا في سوريا في دير الزور والميادين والبوكمال وتطوير مشترك (روسي – إيراني) لعبوات ناسفة مضادة للدروع ومنظومات صواريخ خفيفة ذات دقة عالية، والسلاح الأخطر المتمثل بالطائرات المسيرة والتي حققت نتائج كبيرة في أوكرانيا.
تركيا وفق رؤية الزبيدي، تريد إنشاء ما تسميه (منطقة آمنة) على طول حدودها مع سوريا والتي يسيطر عليها حاليا قوات قسد التي تمتلك علاقات قوية مع (PKK) لكن تركيا لا تريد الدخول في حرب طويلة لأنها تعرف طبيعة المنطقة والتي ستواجه فيها مقاومة شديدة لهذا تحاول فتح جبهات في العراق تنقل إليها الصراع.
شرق الفرات وفق تأكيدات باقر جبر الزبيدي، هي معركة إثبات الوجود الأخيرة حيث سيحاول كل طرف تحشيد أوراقه، والخاسر سوف يكون مجبرا على تقبل سايكس بيكو جديدة ومشروع البلقنة في الإقليم.