موسكو – (رياليست عربي): أصبحت منطقة بحر قزوين جزءاً مهماً من طريق الحرير الجديد “الحزام والطريق” الذي يربط بين الصين وأوروبا، حيث تحاول تركيا وأذربيجان وكازاخستان تعزيز دورها الرئيسي في المنطقة من خلال إضعاف مواقع النقل الروسية، هذا الأمر يزيد من الدور الجيو – سياسي لهذه البلدان كبلدان عبور رئيسية في ممر النقل الدولي بين الشرق والغرب.
من بين بلدان “بحر قزوين الثلاثة”، تنتمي القيادة بشكل موضوعي إلى تركيا، والتي يعد تنفيذ هذا المشروع أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لها، نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة بحر قزوين في طريق النقل، يمكن أن تحقق مكاسب اقتصادية كبيرة، وهكذا فإن مشروع “توران العظيم” لا يتلقى تبريراً حضارياً وعقائدياً فحسب، بل وأيضاً تبريراً اقتصادياً.
أذربيجان، الواقعة تحت نفوذ تركي قوي، ستتبع بطاعة “شقيقها الأكبر”، لأن المشاركة في مشروع عبر بحر قزوين يمكن أن تحقق أرباحاً كثيرة، كما أن كازاخستان مهتمة للغاية بتطوير التعاون مع الأشقاء الأتراك، القيادة الكازاخستانية، التي تتخذ موقفاً، غير ودي مع روسيا، مستعدة للدخول في تعاون وثيق مع تركيا والصين، لأن هذا يخلق بديلاً للسياسة الخارجية لروسيا.
وتتفهم الصين من جانبها أهمية “ثلاثية بحر قزوين” في تنفيذ مشروع “الحزام والطريق”، “الصين مهتمة بالطرق البرية لتجارتها المتنامية مع دول الاتحاد الأوروبي والتي قد تتجاوز في عام 2023 تريليون دولار، النقل البحري عبر مضيق ملقا وقناة السويس أطول من السكك الحديدية، وأكثر تكلفة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وأقلها، وأقل أماناً بسبب العلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة، حيث يتراجع النقل البري عبر روسيا تدريجياً، إلى جانب أنه يتم حظر روابط النقل مع الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا عملياً، ويتم التحكم في الاتصالات البحرية بين روسيا والاتحاد الأوروبي من قبل الغرب بطريقة يدوية ويمكن قطعها تماماً في أي وقت، الآن العلاقات بين روسيا والصين معاً لا تسمح دول البلطيق باستخدام موانئها للعبور.
في الوقت نفسه، لا يبدو أن الرفاق الصينيين مهتمون جداً بمسألة أن تعاون الصين مع “ثلاثية بحر قزوين” لا يلبي المصالح الروسية، على الرغم من كل تأكيدات الشراكة، تتصرف بكين بحذر شديد تجاه روسيا، كما يستمر تصدير البضائع الصينية إلى روسيا لكن في انخفاض متسارع، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، فقد انخفض بنسبة 38٪، بالتالي، من الواضح أن الصين، التي تتعاون بنشاط مع روسيا، تخشى فقدان الوصول إلى التقنيات الغربية والأسواق الواعدة، إذ ان هناك شكوك، هل ستتوصل بكين في النهاية إلى اتفاق مع الغرب على حساب روسيا؟ في هذه الحالة، يكتسب التعاون مع “ثلاثية بحر قزوين” أهمية إستراتيجية بالنسبة له.
من الضروري حماية مصالح جمهورية الصين الشعبية بالتعاون مع روسيا، لكن للقيام بذلك، من الممكن إحياء مشروع القناة التي تربط بين البحر الأسود وبحر قزوين عبر شمال القوقاز الروسي، حيث تم اقتراح مشروع هذه القناة من قبل نزارباييف، صحيح أن الزعيم الكازاخستاني كان يعتقد أن القناة يجب أن تحظى بمكانة دولية، لكن في هذه الحالة، ستفقد روسيا السيادة على جزء من أراضيها، وهو أمر غير مقبول، ومع ذلك، إذا تم بناء قناة، سيكون مالكها روسيا، فهذا، أولاً، سيوجه ضربة لخطط تركيا في المنطقة؛ وثانياً، سيزيد بشكل كبير من الاهتمام بالتعاون مع روسيا لكل من الصين وكازاخستان، وثالثاً، سيسهل نقل القوات من منطقة البحر الأسود إلى منطقة بحر قزوين، إذا لزم الأمر، مما سيحسن موقع روسيا الاستراتيجي.
في موازاة ذلك، يجب على روسيا إقامة تعاون مع إيران، التي لديها مشاريع عبور خاصة بها، على أية حال، إذا لم يتم معارضة التقارب بين دول “بحر قزوين الثلاثة”، فبعد فترة ستصبح هذه البلاد “غير ضرورية” في المنطقة مع كل العواقب المترتبة على ذلك.
خاص وكالة رياليست.