موسكو – (رياليست عربي). أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، أمرا بفرض «حصار كامل وتام» على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل أو تغادر فنزويلا، في خطوة تصعيدية تستهدف مباشرة صادرات النفط وتزيد من حدة المواجهة بين واشنطن وحكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
ولا تزال آلية تنفيذ الحصار غير واضحة، إذ لم تحدد السلطات الأميركية ما إذا كان خفر السواحل أو البحرية الأميركية سيتوليان اعتراض السفن. غير أن الإدارة الأميركية كانت قد نشرت خلال الأسابيع الأخيرة آلاف الجنود ونحو اثنتي عشرة قطعة بحرية، بينها حاملة طائرات، في المنطقة.
وفي منشور على منصته «تروث سوشال»، قال ترامب إن القيادة الفنزويلية صُنّفت «منظمة إرهابية أجنبية» بسبب «سرقة أصولنا» وضلوعها المزعوم في الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر. وأضاف: «وبناء على ذلك، آمرت اليوم بفرض حصار كامل وتام على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الداخلة إلى فنزويلا أو الخارجة منها».
الحكومة الفنزويلية سارعت إلى رفض القرار، واصفة إياه بـ«التهديد المشوّه» الصادر عن واشنطن.
الأسواق النفطية تفاعلت بسرعة مع الإعلان. فقد ارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي بأكثر من 1% لتصل إلى 55.96 دولار للبرميل في التعاملات الآسيوية، قبل أن تغلق عند 55.27 دولار الثلاثاء، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ فبراير 2021. وقال متعاملون إن التحركات تعكس توقعات بانخفاض الصادرات الفنزويلية، مع بقاء الغموض حول نطاق الحصار وما إذا كان سيشمل سفنا غير خاضعة للعقوبات.
القرار أثار أيضا جدلا قانونيا ودستوريا داخل الولايات المتحدة. وقالت إيلينا تشاتشكو، الباحثة في القانون الدولي بجامعة كاليفورنيا – بيركلي، إن الحصار يُعد تقليديا «أداة من أدوات الحرب» في القانون الدولي ولا يجوز اللجوء إليه إلا بشروط صارمة. وأضافت أن هناك «تساؤلات جدية على الصعيدين الداخلي والدولي».
من جهته، وصف النائب الديمقراطي خواكين كاسترو الحصار بأنه «عمل حربي بلا شك»، معتبرا أنه «حرب لم يأذن بها الكونغرس ولا يريدها الشعب الأميركي».
وبحسب محللين، فإن ملامح حظر فعلي بدأت تتشكل بالفعل بعد أن صادرت الولايات المتحدة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة السواحل الفنزويلية الأسبوع الماضي. ومنذ ذلك الحين، امتنعت عدة ناقلات محملة بملايين البراميل عن مغادرة المياه الفنزويلية خوفا من المصادرة، ما أدى إلى تراجع حاد في الصادرات، تفاقم بفعل هجوم سيبراني عطّل هذا الأسبوع الأنظمة الإدارية لشركة النفط الوطنية «بي دي في إس إيه».
ورغم أن معظم السفن التي تنقل الخام الفنزويلي خاضعة بالفعل للعقوبات الأميركية، فإن بعض الناقلات التي تنقل نفطا من إيران وروسيا ليست كذلك. كما تواصل بعض الشركات، بينها «شيفرون» الأميركية، شحن النفط الفنزويلي بموجب تراخيص خاصة.
في الوقت الراهن، يرى محللون أن السوق العالمية لا تزال مزودة بإمدادات كافية، مع وجود ملايين البراميل المخزنة على متن ناقلات قبالة السواحل الصينية. غير أن استمرار الحصار قد يؤدي إلى فقدان ما يقارب مليون برميل يوميا من الإمدادات الفنزويلية، ما قد يدفع الأسعار إلى ارتفاع ملموس.
وقال مسؤولان أميركيان إن تطبيق حصار صارم قد يشكل ضربة قوية لحكومة مادورو. وقدّر ديفيد غولدوين، الدبلوماسي الأميركي السابق في شؤون الطاقة، أن الأسعار قد ترتفع بين 5 و8 دولارات للبرميل إذا لم تُعوض الصادرات الفنزويلية بطاقة فائضة من «أوبك»، محذرا من «تضخم جامح» داخل فنزويلا وزيادة محتملة في موجات الهجرة نحو الدول المجاورة.
ويأتي القرار في سياق توتر متصاعد، شمل توسيع الوجود العسكري الأميركي وتنفيذ أكثر من عشرين ضربة على سفن في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي قرب فنزويلا، قالت واشنطن إنها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا. كما صرح ترامب بأن ضربات برية داخل فنزويلا «ستبدأ قريبا».
بدوره، اتهم مادورو واشنطن بالتحضير لتدخل يهدف إلى إسقاط حكومته والسيطرة على احتياطيات فنزويلا النفطية، الأكبر في العالم. وقال في وقت سابق الثلاثاء إن بلاده ستقاوم ما وصفه بمحاولة إمبريالية لـ«استعمار فنزويلا والاستيلاء على نفطها وغازها وذهبها».






