واشنطن – (رياليست عربي). وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الأربعاء قانون التمويل الحكومي الذي أنهى أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، بعد 43 يومًا من توقف عمل الوكالات الفدرالية الذي ترك مئات الآلاف من الموظفين بلا رواتب وأصاب الخدمات العامة بالشلل.
وأقرّ مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون بأغلبية 222 صوتًا مقابل 209، بعد موافقة مجلس الشيوخ في وقت سابق هذا الأسبوع. وكان دعم ترامب حاسمًا للحفاظ على وحدة الحزب وسط معارضة شرسة من الديمقراطيين الذين اتهموا الإدارة بالفشل في تأمين تمديد إعانات التأمين الصحي الفدرالي.
وقال ترامب خلال مراسم التوقيع في المكتب البيضاوي:
«هذه ليست طريقة لإدارة دولة… يجب ألا نسمح بتكرار ذلك أبدًا»،
محمّلًا الديمقراطيين مسؤولية ما وصفه بـ«حصار سياسي بدوافع حزبية».
ويموّل الاتفاق الحكومة حتى 30 يناير المقبل، لكنه — بحسب المحللين — يبقي الولايات المتحدة على مسار لإضافة 1.8 تريليون دولار سنويًا إلى دينها العام البالغ 38 تريليون دولار.
الإغلاق، الذي بدأ في أواخر سبتمبر، أدى إلى تعطيل وظائف فدرالية حيوية، من بينها مراقبة الحركة الجوية وبرامج المساعدات الغذائية ونشر البيانات الاقتصادية التي يعتمد عليها المستثمرون وصنّاع السياسات. ويقدّر اقتصاديون أن الإغلاق خفّض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.1 نقطة مئوية أسبوعيًا، رغم توقعاتهم بتعافي أغلب الخسائر خلال الأشهر المقبلة.
لكن بعض الآثار قد تكون دائمة؛ إذ أعلنت البيت الأبيض أن بيانات التوظيف والتضخم لشهر أكتوبر قد لا تُنشر أبدًا بسبب تعطّل التقارير الإحصائية.
وشبّه النائب الجمهوري ديفيد شفايرت من أريزونا تعامل الكونغرس مع الأزمة بـ«حلقة من مسلسل ساينفيلد»، قائلاً:
«أمضينا 40 يومًا في الجدل، وما زلت لا أعرف ما كانت القصة».
وتمنح إعادة فتح الدوائر الحكومية بعض الارتياح قبل موسم السفر المزدحم في عيد الشكر، إلى جانب استئناف توزيع المساعدات الغذائية على ملايين الأسر قبل العطلات.
ومع ذلك، لا تزال الانقسامات السياسية حادة؛ فقد اتهم الديمقراطيون الإدارة باستغلال الإغلاق لإضعاف شبكات الحماية الاجتماعية، بينما دافع الجمهوريون عن الإجراء باعتباره وسيلة لكبح الإنفاق الحكومي المتضخم.
وفي كلمة وداع مؤثرة، قالت النائبة الديمقراطية ميكي شيريل، المنتخبة حديثًا حاكمةً لنيوجيرسي:
«لا تسمحوا لهذا المجلس بأن يتحول إلى ختم شكلي لإدارة تنتزع الغذاء من الأطفال والرعاية الصحية من المحتاجين».
وأظهر استطلاع رويترز/إبسوس أن الأمريكيين منقسمون حول الجهة المسؤولة عن الأزمة؛ إذ حمّل 50% الجمهوريين المسؤولية مقابل 47% ألقوا اللوم على الديمقراطيين، ما يشير إلى غياب فائز سياسي واضح.
ويتضمن القانون أيضًا بنودًا تمنح ثمانية أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الحق في المطالبة بتعويضات عن انتهاكات مزعومة للخصوصية مرتبطة بتحقيق أحداث 6 يناير 2021، كما يقيّد وزارة العدل من الوصول إلى بيانات هواتف المشرّعين دون إخطار مسبق.
ومع استئناف عمل الحكومة، يتجه التركيز الآن إلى مجلس النواب الذي سيواجه اختبارًا جديدًا لوحدته في ديسمبر المقبل خلال التصويت على تمديد إعانات الرعاية الصحية، بالتوازي مع نقاش مرتقب حول الإفراج عن ملفات غير سرية في قضية جيفري إبستين — القضية التي لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد السياسي في واشنطن.






