دمشق – (رياليست عربي): يعاني الاقتصاد السوري من أضرار واسعة لحقت بالبنية التحتية والصناعة خلال الحرب الذي ازداد تدهوراً منذ 2019 عندما تسببت تداعيات الأزمة المالية في لبنان في انهيار الليرة السورية، فيما تتعمق المأساة المعيشية للسوريين لدرجة غير مسبوقة في تاريخهم.
كثيرة هي الأسباب التي يعتقد السوريون بأنها سبب فيما وصلوا إليه، بعضها خارجي وفق رأيهم، يتمثل بالحصار وقانون قيصر، وقطيعة عدد من الدول العربية لهم، فضلاً عن عدم وجود استثمارات وسياحة، مع تدمر البنى التحتية، ووجود تهديدات أمنية في بعض المناطق مثل شرق سوريا وشمالها، ما يجعل الملف السوري معلقاً حتى الآن عن أية حلول .
فيما يرى كثيرون أن السياسات والقرارات للحكومات المتعاقبة خلال سنوات الحرب لم تكن بمستوى الأحداث والتحديات، ومما زاد الطين بلة وفق رأيهم، هو زيادة نسبة الفساد في كل مفاصل الدولة بل والمجتمع، يرافق ذلك تصريحات لكثير من المسؤولين وصفوها بالاستفزازية .
ففي العقارات تشهد آجارات المنازل ارتفاعاً جنونياً، طالت حتى المساكن العشوائية التي يسميها السوريون بالمخالفات، إضافةً لارتفاع الأسعار في كل شيء بدءاً من إبرة الحياكة مروراً بالخضار والفواكه إلى المواد التموينية والسلع الغذائية بأنواعها وصولاً إلى الدواء.
لقد باتت أصغر التفاصيل في حياتنا مرهقة، يقول أبو أحمد مواطن سوري وهو موظف حكومي في العقد الرابع من عمره، ويضيف: لدي ثلاثة أولاد يحتاجون لمصاريف المدرسة، كما أننا بحاجة لثلاث وجبات يومية متواضعة وراتبي وزجتي لا يكفينا لأجل ذلك، وهو ما يدفعني للعمل بدوامين آخرين، فلا أعود إلى منزلي قبل منتصف الليل.
قرار رفع الدعم الذي أثار السوريين عموماً، شكل ملفاً ساخناً في هذا البلد، إذ أن الغالبية الساحقة من السوريين يعتمدون على الخبز الحكومي في موائدهم، بل إن عائلات كثيرة تعتمده كمادة غذاء أساسية بسبب قلة القدرة الشرائية للمواطنين.
أحد المحللين في الشأن العام، رأى أن ما يحدث في بلاده خطير، فهو مزيج ما بين آثار الحرب على سوريا، والقطيعة السياسية و العقوبات الاقتصادية والحصار، وبين حرب عصابات تتمثل بدعم جماعات في الشمال والشرق السوريين، لكن ما يزيد من خطورة الأمر، هو الاستياء الشعبي المتنامي بين السوريين المؤيدين للدولة ذاتها، متخوفاً أن تكون هناك مظاهرات جياع، واستشهد بأن ما يحصل في السويداء ليس بعيداً عن هذا العنوان، رغم وجود استغلال واضح من بعض القوى الإقليمية والجهات المعارضة لاستثمار تلك الاحتجاجات وركوب موجتها.
ويختم المحلل بالقول: إن الحرب الهجينة على سوريا دخلت مرحلتها الأشد حالياً، وأبرز أعراضها، الاستياء الشعبي في الشارع المؤيد من الحكومة، إذ أن هدم ثقة المواطن بدولته، ودفعه لليأس يُعد أحد أهم أهداف الحرب النفسية التي يشنها الخصوم في الخارج، وهو ما يجعل الحكومات المتعاقبة مسؤولة بدرجة كبيرة عن مساعدة الخصوم في تحقيق هذه الغاية دون قصد، وفق تعبيره.